المنبرالحر

لون هالليلة «رمادي» / قاسم السنجري

ضربَ الجيش العراقي البطل، لنا موعداً للنصر والبهجة وهو يزف لنا بشرى انتصاراته وتقدمه الباهر في مدينة الرمادي التي تحررت «عسكرياً» من سيطرة التنظيم الظلامي بعد تلقى الضربات الموجعة على يد ابناء جيشنا الذين تحملوا بكل جدارة مسؤولية استعادة الأرض وتطهيرها من ظلام داعش وظلمها.
المشهد في الرمادي برغم بهجة الانتصار وفرح الاهالي بتحررهم، يبعث على الأسى لحجم الدمار الذي لحق بالمدينة، وهذا الخراب ناتج عن شدة المعارك التي جرت داخل المدينة من حي إلى حيٍّ آخر، ومن شارع إلى شارع جديد تستعيده القوات الأمنية بعد ان تدفع مهره دماء غالية لاستعادة المدن العزيزة التي اغتصبت في غفلة وأهمال تسببت فيه الحكومة السابقة.
بعد أن كتب الجيش العراقي صفحة الانتصار في الرمادي وقبلها في تكريت وبيجي، يجب أن يُعاد إعمار هذه المدن بما يليق بعراقيتها وتقديرا لصمود اهلها الرافضين لحكم داعش الظلامي، ولا سبيل إلى إعادة اعمار المدن التي تدمرت بسبب العمليات العسكرية وعبث التنظيم الارهابي إلا من خلال اطلاق حملة وطنية شعبية للاسهام في بناء هذه المدن ما حملة يسهم فيها جميع ابناء الشعب العراقي عبر العمل الشعبي وتخطياً للأزمة المالية التي قد تقف عائقاً امام عودة البنى التحتية لهذه المدن إلى سابق عهدها.
إن جهد الإعمار يتطلب مشاركة الجميع؛ حكومة ومواطنين، اضافة إلى دعم دولي في توفير الأموال المطلوبة لعودة الحياة إلى مدن خضعت لسطوة ودمار تنظيم داعش الارهابي.
إن مكافحة الارهاب لا تتم من خلال المعارك العسكرية فقط، بل من خلال إعادة الحياة الى مدن حاول الارهاب اماتتها فرض سلطته عليها واستنزاف مواردها وتركها نهباً للخراب.
أن ما يؤسف له أن يكون العراق قد ضيّع قدرته المالية بسبب الفساد في مشاريع إعمار وهمية لم نجد لها أثراً على ارض الواقع، وحين احتجنا الى الإعمار الحقيقي لم نجد الاموال التي تؤدي هذا الغرض، بسبب سياسات فاسدة وتناهب مَرضي عمّ مؤسسات الدولة ومسؤوليها، وهنا يجب أن يكون لزاماً على الحكومة أن تستثمر إمكانيتها وقدرتها المالية على محدوديتها في مشاريع إعمار حقيقية وان يتم اخضاع المساعدات الدولية الممنوحة لغرض الإعمار إلى رقابة شديدة وعدم السماح بضياعها كما ضاعت أموال النازحين في جيوب بعض المنتنفذين دون أن تتم محاسبتهم أو استعادة ما استحوذوا عليه.
لعودة الرمادي بجهود القوات الأمنية رمزية كبيرة، تعني الكثير، ففيها قصم ظهر تنظيم داعش الارهابي، وانتصارات الجنود العراقيين أجبرت زعيم داعش على الخروج من صمته ليعلن في مناحة طويلة هزيمة ازلامه ويشير إلى هروب الكثير منهم بشكل غير مباشر في كلمته. وعودة الرمادي ايضاً تعني قرب عودة بناتها من الاقضية والنواحي التي يسيطر عليها داعش كالفلوجة وهيت، وحينها لن يبقى لهذا التنظيم الارهابي سوى معركة فاصلة تنهي وجوده ألا وهي معركة الموصل المرتقبة.
انها ليلة مميزة في تاريخ مدينة الرمادي حيث ستعلوا اصوات النساء بالزغاريد، والرجال سيحتفلون ويرقصون «الجوبي» فرحا بالانتصار.