المنبرالحر

سبايكر.. فوق الألم ألم / قيس قاسم العجرش

حظّ العراقيين سيئ دائمأً مع الأماكن التي تشهد ولادة آلامهم الجامعة. وبعد أن كانت المأساة مصدر وحدة وتكاتف في وجه إرهاب داعش، تحضُر سبايكر مرّة أخرى لتشكّل تذكيراً بحظنا السيئ حتى عندما تكون الخسائر فادحة وأكبر من الانقسام.
المواجهات التي حدثت بين منتسبي شرطة نينوى ومنتسبين من الحشد الشعبي، يضاف إليها استهداف الإرهاب يثبت أن هذا المكان، قاعدة سبايكر، مازال يمثل (جبهة) حادة تتصارع فيه الإرادات ويتحطم على صخرته كل ما تصوّرنا أننا تجاوزناه في الحرب الطائفية.
هناك شرّ وتوتر في النفوس يأبى أن يستجيب لإشراقه الانتصار على داعش.
قد يكون من السذاجة التفكير بأن الانتصار لوحده يمكن أن يوحّد ما فرّقته التوترات الطائفية والمصالح على مدى أكثر من عقدٍ من الزمان العراقي.
لكن هناك آليات لتفكيك الحرب الأهلية في العادة. وليس العراق أول من يشهد هذا النوع من الصراع وقد سبقتنا أمم أخرى نجحت في أن تنجو من محنتها.
كلمة السر عادة في مواجهة التوترات الداخلية والإثنية والعرقية والمناطقية هي ربط الجميع بـ» مصلحة» التعاون، والتكامل الاقتصادي المُفضي الى شراكة مجتمعية في النهاية تنتصر على تحريض الفتن. على طول الخط سيكون هناك حمقى ينزلقون للتحريض وسيكون هناك تجّار الموت يتربّحون من الصراع. وهؤلاء هم العقبة الأولى التي تقف أمام المصالحة وإعادة الأمور الى مسارها الطبيعي.
الاستثمار في هذا الجانب ليس أقل أهمية من الاستثمار في الحرب والاستعداد لمقاتلة الارهاب الذي هو أمر لا مناص منه.
لسنا بحاجة الى المزيد من الألم. فالذي فينا يكفينا وزيادة. ولا ينقصنا أن نعمّد سبايكر بمزيد من الدم العراقي وبرزيّة أسوأ، إذ أنه سيسفك عَبثاً هذه المرّة.
أليس هناك من عقل رشيد يبحث عن بعض المصلحة؟ فضلأً عن بعض الإصلاح؟.
هل كتب القدر على العراقيين أن يكون الثمن فادحاً دائمـأً ويجري كيله بقوارير الدم التي تهرق؟.
ليس أفضل من وقت الانتصار كي تفتح الأذرع باتجاه المصالحة. مصالحة حقيقية لا تبقي للإرهاب أية حجّة او منفذ.