المنبرالحر

إستمرار الحراك الوطني يحقق الاصلاح / محمد موزان الجعيفري

قبل اكثر من ثلاثة اشهر خرجت جموع العراقيين للتظاهر مطالبة بالاصلاح معلنين احتجاجهم على سوء الخدمات ومطالبين الاقتصاص من الفاسدين الكبار الذين نهبوا المال العام حتى اوصلوا البلاد الى حافة الهاوية وقد دعمت المرجعية الرشيدة رئيس الوزراء وطلبت منه مواصلة الاصلاحات وتلبية مطالب المتظاهرين والضرب بيد من حديد على الحيتان الكبيرة المتورطة في الفساد وقد حذرت القادة السياسيين من التسويف والمماطلة لتحقيق الاصلاحات بحجة مخالفتها بعض فقرات الدستور .
ظل الشارع العراقي يراقب تحويل ( الجعجعة الى طحين ) وتنفيذ الاقوال التي اطلقها الرجل التنفيذي الاول في العراق وتحويلها الى عمل ملموس ولكن مع الاسف الشديد فبعد مضي هذه الفترة الطويلة على بدء التظاهرات لم يتحقق شيء ملموس يحس به المواطن العراقي، لا بل زادت الاوضاع سوءا وبقيت حزم الاصلاحات ترواح في مكانها وكما يقال حبرا على ورق، وخاصة فيما يتعلق بمقاضاة رؤوس الفساد والاكتفاء بخطوات محدودة جداً، لا بل صدرت قرارات لتخفيض رواتب الاساتذة والموظفين والمتقاعدين مما فاقم الوضع سوءا وجعل المتظاهرين مصرون على التظاهر والاستمرار فيه لانه الطريق الكفيل بالاصلاح، والبحث عن اساليب نضالية جديدة للضغط على الساسة المتنفذين ، كما ان المرجعية تؤكد في كل جمعة وبقوة على اهمية ان تكون الاصلاحات اكثر جدية وان تتم محاسبة الفاسدين واصلاح القضاء حتى يتمكن من اداء دوره الحاسم في ملاحقة المفسدين وان لايتحول هذا الهدف الكبير الى مصطلحات رنانة سياسية يتمشدق بها السياسيون في وسائل الاعلام ولايعملون بها بل ان هنالك جهات سياسية مشاركة في السلطة التنفيذية والتشريعية وقفت موقفاً واضحاً في البدء مع هذه الاصلاحات ولكنها في حقيقة الامر بدأت الآن تصطف وتعمل بالضد منها .
والسؤال الذي يتردد الآن هو هل ستبقى اصلاحات العبادي ( حبراً على ورق )؟ وهل ان موافقة مجلس النواب عليها جاءت خوفا من الشارع ولاسيما ان هنالك انتخابات جديدة في قادم الايام وخوفا من ان تحترق اوراق النواب والاحزاب التي تعترض على مايطالب به المتظاهرون والمرجعية التي اكدت مرارا في توجيهاتها الحاسمة على اهمية وأد الفساد ورؤوسه من دون تردد ، فالبلد ينخره الفساد في كل مفاصله العليا والدنيا ولاشك في ان الحلول الشكلية او الجزئية لايمكن ان تؤدي الى التعافي والشفاء من هذا المرض العضال ولابد في هذه الحالة من اتخاذ خطوات عملية قوية تتجه نحو معالجة هذا الداء جذرياً والذي اصبحت خطورته لا تقل خطورة عن الارهاب كما ظهرت ظواهر معيبة جديدة في المجتمع باتت تشكل امراً واقعاً لدى الكثيرين من افراد المجتمع، ولعل اخطر ما في هذا الجانب عندما يكون الفساد المالي اوسع بكثير من السلوك الفردي حيث اصبح هنالك الكثير من العصابات التي تحكمها وتسيرها رؤوس كبيرة تنتهج الفساد واختلاس المال العام بطرق شتى حتى بات هذا السلوك امرا معتادا لها منذ اكثر من 10 سنوات وكثير منهم يعتدي على المال العام بمباركة حزبية او سياسية بحجة التمويل وماشابه ذلك الامر الذي ساعد على تجذر هذه الظاهرة في العمل السياسي فضلا عن العمل الاداري والوظيفي في الاجهزة الحكومية لهذا السبب واصل المتظاهرون تظاهراتهم ووحدوا شعاراتهم في ثلاثة اهداف ( الاصلاح الاداري والقضائي وتحسين الخدمات ومكافحة الفساد المالي وضرب المفسدين ) مما يتطلب من السيد العبادي ووزرائه ومجلس النواب ان يتخذوا جملة من الخطوات الاجرائية خاصة بعد تسوية ما يتعارض منها مع الدستور لاسقاط حجة المعارضين لكي نحول حزم الاصلاح من اقوال الى افعال .
من دون هذه الخطوات الثورية لايمكن ان يتحقق اي اصلاح في مؤسسات الدولة ولانقضي على الفساد في عراقنا الحبيب، وهذا يستدعي ايضا من الكتل والاحزاب والشخصيات السياسية ومجلس النواب ان يتعاونوا فيما بينهم ويضعوا مصلحة البلد قبل كل شيء، حتى لو جاءت بالضد من مصالحهم الشخصية والفئوية لاسيما تلك التي تتعارض مع بناء الدولة القائمة على العدالة الاجتماعية والحرية وبناء المؤسسات القانونية وان الفرصة لانقاذ دولة العراق من ازماتها ما زالت متاحة امام الجميع وفي مقدمتهم رئيس السلطة التنفيذية، فما زال بامكانه ان يسير بالمركب العراقي نحو مرفأ الامان والسلام والبناء الحقيقي فيما لو امنوا بان تكون جعجعة الاصلاحات مصحوبة بانتاج الطحين والسير في طريق الاصلاحات وليس الاكتفاء بالكلام من اجل الاعلام فقط وان المتظاهرين مصرون على استمرار التظاهر في ساحات الشرف وتنويع اساليبهم النضالية حتى تحقيق مطالبهم المشروعة وانقاذ البلاد من الهاوية التي وصلنا اليها ، فهذه فرصتهم الوحيدة ان كانوا وطنيين وكذلك ليس للمتظاهرين طريق غير مواصلة التظاهر السلمي حتى تحقيق اهدافهم المشروعة.