المنبرالحر

اخطبوط الفساد ..من يتصدى له وكيف؟ / محمد عبد الرحمن

رئيس الوزراء حيدر العبادي اعلن اعتبار سنة 2016 عاما للقضاء على الفساد وداعش . وهو ما كرره بعد الجريمة البشعة التي ارتكبها داعش في بغداد الجديدة وراح ضحيتها العديد من المدنيين والقوات الامنية ، عبر تأكيده على اننا سننتصر على الارهابيين .
الفساد حديث الناس، كل الناس، ولم يعد شيئا مختفيا ، والتضخم الهائل في ممتلكات البعض من المسؤولين على اختلاف درجاتهم ومواقعهم، يكشف الجرائم الفاضحة التي ترتكب بحق شعبنا كل يوم . ولم يعد الفساد مجرد مبلغ بسيط من المال يدس في يد موظف لتمشية معاملة تقاعد، او للاسراع في الحصول على الجنسية وجواز السفر، او لتمشية معاملة طابو بالرغم من قانونيتها، او لتصليح المحولة الكهربائية في محلة السكن، او الاتيان بـ « الصاروخ « لفتح المجاري المتهالكة التي غالبا ما تطفح صيفا وشتاء .
فقد تعددت وسائل الفساد وتنوعت ودخل المتنفذون والمتعاونون معهم سوق الاعمال التجارية والمضاربات ، وصاروا يبحثون عن العقود، واصبحت للبعض حصة ثابتة منها. فلا تحال مقاولة الا وتودع النسبة سواء 5 في المئة او 10 في المئة وربما اكثر ، في حساب المتنفذ الذي غالبا ما يكون في خارج البلاد في حرز وامان من ان تصله يد النزاهة والرقابة. هذه اليد التي غالبا ما ترتعش عند ملامستها ملف احدهم فتركنه جانبا لعدم كفاية الادلة !
ومن اللافت في مجال الفساد قضايا المصارف الاهلية والاحاديث المتواصلة عن ضياع الاموال في مزاد العملة للبنك المركزي ، وفي غسيل الاموال وتهريب العملة خارج الوطن. كذلك هذا الاتحاد غير المقدس بين المتنفذين الفاسدين ومن يماثلهم من المقاولين واصحاب الفضائيات.
وقد امتلك البعض الخبرة في التمويه والتعمية ، بحيث لا يترك اثرا يدل على سرقته وتجاوزه على المال العام ، كذلك لجوئه الى تسجيل اعماله وممتلكاته باسماء اخرين سواء من الاقارب او غيرهم من اصحاب» الثقة والتقوى».
وكثر الحديث في الفترات الاخيرة عن شراء المناصب والمواقع المهمة والحساسة في الدولة ، المدنية والعسكرية ، وقد فاحت « الروائح الطيبة « تزكم الانوف عن صفقات كهذه بالملايين من الدولارات . فماذا يعمل الوزير بعد ان يدفع هذه الملايين لشراء منصبه؟ وكيف يسترجعها خلال الأربع سنوات، التي هي مدة استيزاره ؟ من المؤكد ، وكما اصبح معروفا ، ان تكون لمثل هذا الوزير او المسؤول المتنفذ نسبة ثابتة في العقود، وكذلك في بيع الوظائف، وهذا يكاد ان يشمل جميع الوزارت. فحتى مع وقف التعيينات هناك حركة الملاك، وما ادراك ما حركة الملاك ! او استخدام الصلاحيات لاستحداث درجات وظيفية في ملاك الشركات ذات التمويل الذاتي الرابحة، فذلك من الاختصاص الحصري للوزير، وغالبا ما يكون هذا الاستحداث خارج حاجة الشركة المعنية، ومديرها العام لا حول له ولا قوة، ذلك ان تقارير الوزير تصل بسرعة عن الوكلاء والمدراء العامين الى مكتب رئيس الوزراء والامانة العامة ، او حتى لغيرها ان اقتضى الامر .
ومثل هذا الوزير او المسؤول يلجأ ايضا الى الايفادات العبثية ويكررها ، وهل يعلم المواطن مثلا ان ليلة ايفاد الوزير تكلف الدولة 600 دولار وليلة وكيل الوزارة والمدير العام 400 دولار ، اضافة الى مصاريف السفر الاخرى طبعا ؟!
لا تكفي اسطر هذا العمود المحدودة لذكر الكثير من التفاصيل عن بشاعة الجرائم التي ترتكب بحق الشعب وامواله، التي تقلصت في الاونة الاخيرة. وفيما يتم التمادي في موبقات الفساد فان الاجراءات ما زالت خجولة، لا تطال ملفاته الكبيرة وكبار رؤوسه .
ان مكافحة اخطبوط الفساد في بلادنا بحاجة الى طاقم يتمتع بالحصانة الكافية ازاء المغريات، ومن يصلح الزاد اذا الملح فسد؟ فنقطة الانطلاق يجب ان تكون من هنا ووفقا لخطة متكاملة، يتصدرها الخلاص من المحاصصة حامية الفساد والمفسدين ، وتوفر الارادة الحقيقية للخلاص منه والقضاء على مخاطره الكبيرة التي لا تقل عن مخاطر الارهاب.
فالفساد والارهاب يغذي كل منهما الآخر ويديمه .