المنبرالحر

دور الاعلام في مكافحة الفساد / محمد موزان الجعيفري

يعد الاعلام العين التي ترصد وتعكس حقيقة ما يجري على ارض الواقع في مجتمعاتنا وهذا يتطلب اعطاء الاعلام قدرا من الحرية حتى يستطيع التحرك، وباحترام الاعلاميين هذه الحرية في البحث عن الحقائق والوصول الى مجتمع نظيف نوعا ما بعيدا عن المصالح الشخصية. ان الفساد موجود حتى في دول أنظمتها ديمقراطية الا ان هذه الانظمة غير الديمقراطية تعتبر حاضنة صالحة للفساد اكثر من الانظمة الديمقراطية من الناحية النظرية لان الانظمة الديمقراطية تكون في ظلها السلطات متوازية ومستقلة وتوفر انتخابات حرة ونزيهة وتداولا سلميا للسلطة وحرية للتعبير وصحافة حرة، كما توفر قضاء مستقلا حرا محايدا وعادلا وكفوءا لذا تكون ممارسة الفساد في النظام الديمقراطي عملية صعبة وخطرة وذات نتائج غير مضمونة للفاسدين .
ويؤثر الاعلام بشكل مباشر على مزاج المجتمع من خلال قدرته على الوصول الى قطاع كبير من الناس ومخاطبة جماهير عريضة في وقت واحد وهذه خصيصة من خصائص الإعلام الجماهيري بما يمكن معها التوجيه الجماعي نحو هدف او قضية معينة واستنهاض الراي العام لعمل ما سلبا او ايجابا وبث مشاعر معينة تحرك الجماهير نحو سلوك او قرار محدد .
والمعروف عن مجتمعنا العراقي بانه مجتمع عاطفي ولذلك نجد بعض وسائل الاعلام تحاول ان تستميل الجمهور لصالحها عن طريق تحريك مشاعر العاطفة لديهم كما ان وسائل الاعلام تعتبر من الوسائل الاساسية للمعلومة للكثيرين من الناس والتي يبني عليها الافراد مواقفهم بل يمتد الى القيم وانماط السلوك فقد يحدث ان يتقبل منها قيما جديدة لذا فانه لابد من توظيف الاعلام توظيفا سليما بحيث يكون إعلاما حيا ومبدئيا ويتكلم بلسان الناس ومعبرا عن ضميرهم .
ان قدرة الاعلام على مكافحة الفساد تتطلب حق الحصول على المعلومات وعلى بث ونشر هذه المعلومات ، فالدول الاقل فسادا في العالم هي الاكثر حرية على صعيد الاعلام ، اذ ان حرية الاعلام تحقق الشفافية التي هي العدو الاول للفساد الاداري والمالي فضلا عن دعم الاعلام من قبل السلطات المختلفة وجميع المؤسسات . ان المعركة ضد الفساد معركة قاسية وطويلة وتحتاج الى تكامل الادوار فيها، فالاعلام وحده من دون تعاون السلطات الاخرى لايستطيع محاربة الفساد اذ لابد من التعاون والتكامل بين جميع مؤسسات الدولة وان تعرف كل جهة الدور الذي تقوم به فالاعلامي مهمته كشف الحقائق وبالتالي لابد ان تكتمل المهمة ويعرف كل طرف حدوده ودوره الذي يقوم به مستخدما بذلك جميع طرقه واساليبه من دون ان يحل احد مكان احد وبالتالي يتحقق التكامل والتكاتف في مواجهة الفساد لانه على مايبدو ترسخ في مؤسسات الدولة كافة، فضلا عن تعاون الجهات الحكومية مع وسائل الاعلام وعدم اخفاء المعلومات اللازمة عن الاعلاميين من قبل مؤسسات الدولة وخاصة الحكومية وضمان حرية الاعلام وحق الوصول الى المعلومة الذي يعتبر من الامور الضرورية لمكافحة الفساد مما يفتح المجال واسعا امام الاعلام في ممارسة دوره المطلوب عن طريق الالتزام بالموضوعية في تقديم المعلومات.
والاعلامي اذا توجه الوجهة الصحيحة واذا كان مهنيا وصاحب قضية فانه يكون احد الوسائل المهمة في مكافحة الفساد والقضاء عليه ويكون مرآة صادقة تعكس الحقيقة ويكون بمثابة ضمير حي للشعب، اذ انه يتوجه الى افراد الشعب مباشرة كما انه يسهم بشكل ايجابي في تطهير المجتمع من بعض المعتقدات السلبية الراسخة في اذهان بعض الناس من خلال اعلام صادق ونزيه يهدف الى كشف الحقائق حتى يتكمن من القضاء على الفساد والوصول الى مجتمع ينبذ الفساد ويحاربه ويعتبر اي فعل فاسد فعلا اجراميا يتوجب العقاب والمحاسبة فضلا عن الاهتمام بصحافة التحقيقات والصحافة الاستقصائية باعتبارها من الوسائل المهمة للتحقيق في حالات الفساد وكشفها امام الراي العام ومساعدة القضاء مثل مافعلته مؤخرا جريدة المدى الغراء وفضائيتها في نشر الملف الخطر الذي كتبه المرحوم احمد الجلبي قبل وفاته وفضح فيه حجم الفساد الكبير في حركة البنك المركزي وبضع مصارف اخرى وكذلك ماكشفته الصحفية الاردنية الشجاعه السيدة حنان كسواني في العام الماضي عن صفقة البسكويت الفاسد المستورد من الاردن الى وزارة التربية العراقية.