المنبرالحر

«حديثة» الصمود ..سلام واعتذار!

نعرفها جميعا ، «حديثة» المدينة الطيبة التي عاشت الى ما قبل سنتين وادعة عند ضفة اعلى الفرات غربي الوطن ، وعلى كتف سدها الكبير ..
منذ سنتين والدواعش البرابرة يحوّلون حياتها جحيما ، مستقتلين لغزوها ، لاختراق دفاعاتها ، واجتياح شوارعها ، وتفجير بيوتها ، واستباحة اهلها الآمنين واستعبادهم ، مثلما فعلوا بأهالي المدن والحواضر الاخرى في محيطها القريب والبعيد.
سنتان وهم يثخنونها بالجراح، يذيقون اطفالها وشيوخها ونساءها قبل رجالها الاهوال ، يجوّعونهم ، يجهدون بجميع السبل وشتى الوسائل لخنقهم وسحقهم. وما زالوا يفعلون .. حتى هذه اللحظة!
لكنهم ، بكل وحشيتهم وضراوتهم .. يعجزون منذ سنتين ويعجزون.
فكلما تجاسروا .. اصطدموا بـ أسوارها ، وارتدّوا امام جلمودها منكسرين يجرجرون الخذلان ..
وما أسوار حديثة العصيّة .. سوى رجالها ، ابنائها ، شبابها الصامدين لا يتزعزعون ولا يهنون ..
وما الجلمود غير نسائها ، كبيرات وصغيرات ، يرفدن بإبائهن وتفانيهن الفريد وقفتهم الراسخة لا تهتز ..
وكل هذا وهم جميعا ، نساء ورجالا ، صغارا وكبارا ، يعانون ما يعانون – سنتين بطولهما – في الحصول على لقمة الخبز ، وحبة الدواء ، وقطرة الوقود. يشدون احزمتهم على البطون الخاوية – كما عبر قبل حين صديقنا الجليلي – وهم يطعمون باليد اليسرى صغارهم ما يتيسر من القليل الهزيل الذي يصلهم من دولتهم ، المقصرة في حقهم اشد التقصير ، وباليمنى يشهرون نيران بنادقهم سعيرا يحرق الدواعش ، ويعصف بهم وبغدرهم.
اولاء هم شوامخ حديثة الصمود ، الذين لولاهم لكان الارهاب الداعشي الآثم قد استكمل سيطرته على غربي الوطن ، ولكان سد حديثة قد سقط غنيمة له ، ولربما فتح بواباته المائية ليغرق العراق من انباره الى سوق الشيوخ..
لأهل حديثة الوفاء للوطن والاصرار والاقدام والصمود البطولي .. سلام وألف سلام ..
ولهم قبل ذلك وبعده الاعتذار ،
فقد قصّرنا .. حين لم يقصروا!
«مواطن»