المنبرالحر

نقود تنتظر / قيس قاسم العجرش

لست متأكداً من الأرقام، لكنها أرقام تقريبية تراكمت من مصادر صحافية ومختصّة عن النقد العراقي.
الشيء الأكيد أن احتياطي البنك المركزي العراقي من العملات الأجنبية والذهب يزيد على الاصدار النقدي بالعملة العراقية بمقدار الضعف تقريباً. هذه الاحتياطيات تبلغ بحدود 54 مليار دولار نقداً و4 مليارات دولار ذهباً.
يعني هذا أن الأوراق النقدية المُتداولة تحتمي بغطاء موثوق يسند ظهرها يمكن أن نطمئن إليه.
وبالرغم من هذا الإطمئنان، فإن البنك المركزي مستمر بمزاد العملة اليومي (تشترك فيه المصارف العراقية كافة) من أجل توفير العملة الأجنبية وتحقيق سعر صرف مستقر للدينار.
الأمر يشبه سقي الأرض الزراعية وهي في حالتها الطينية، يعني قبل أن تضربها الشمس وتتيبس.
لكن هناك فرق كبير نسبياً بين سعر البيع في مزاد البنك اليومي والسعر المتحقق في السوق المحلية. هذا الفرق يقترب بالمُجمل من 3 مليارات دولار سنوياً، تحصل عليها المصارف المشتركة في المزاد وتقيّده إيراداً لها عن نشاط العمولات.
هذا الفرق واستمراره لا يشجّع المصارف على المشاركة في تمويل نشاط استثماري داخل الاقتصاد العراقي، أو حتى خارجه. ولماذا تعرّض نفسها للمخاطرة؟..طالما أن نسبة العمولة المُريحة تحقق المطلوب وهي نسبة آمنة لا مخاطرة فيها.
العمولة المتحققة للمصارف تساوي تقريباً 1بالمئة يومياً من حجم المزاد الذي يصل في بعض الأيام الى 200 مليون دولار ويزيد.
يعني أن حوالي 3 ملايين دولار تهدر يومياً على شكل عمولات تنالها المصارف (والجهات التي تقف خلف المصارف) بلا عمل حقيقي وبلا تمويل لأي مشروع تنموي. بينما أن الأصل في عملها يحتّم تقديم الخدمات المصرفية من أجل نيل هذه العمولة.
يعرف خبراء الإقتصاد أن دخول أي كمية من الأموال الى نظام نقدي بلا وجه حق (أي بلا نشاط حقيقي بناء) انما يخدش العدالة والإنصاف في هذا النظام. وهذه الأموال يطلق عليها في العادة اسم (الأموال السهلة). ولنتذكر أن (ما يأتي بسهولة يذهب بسهولة).
لو تمكن البنك المركزي من تفعيل عملية البيع للعملة بنطاق أوسع، لتمكن من تضييق الهوّة بين سعر الصرف في المزاد والسعر في الاسواق المحلية، بحيث يحافظ على هامش بسيط للعمولة المصرفية. وبالتالي، ستكون المصارف مرغمة على دعم الاستثمار من أجل التعويض عن هذه الاموال السهلة بأموال ( محترمة) متأتية من عرق الجبين فعلاً.
لو أمكن للبنك أن يفعل هذا، كنّا سنرى نشاطاً داخلياً أكثر فعالية ومصارف حقيقية بدلأً من دكاكين الصرافة التي تتباهى بأنها مصارف.