المنبرالحر

إياكم وتراجع الثقافة! / طه رشيد

لم يحدث تقارب بين المسرحيين العرب مثل الذي رأيناه خلال الأيام الماضية في العاصمة الكويتية. ويعود الفضل في ذلك بالدرجة الأولى لهيئة المسرح العربي التي بادرت، منذ تأسيسها عام 2008، الى إقامة مهرجان المسرح العربي في عواصم عربية مختلفة.
المهرجانات المسرحية القديمة كانت تقام بتبريكات هذا الزعيم أو ذاك القائد، مختومة ببيان التهاني والتعظيم له. اما وحدة المسرحيين العرب اليوم والتي تجسدت بحضور الفنانين في مهرجان المسرح العربي بدورته الثامنة في الكويت، من خلال الفعل الإبداعي الذي يقدمونه لبعضهم أو لجمهورهم، فتختلف شكلا ومضمونا عما ذكرناه آنفاً.
إنهم نخبة متميزة في التأليف والتمثيل والاخراج متحدون ومختلفون في نفس الوقت تجسيدا لقول الشاعر سعدي يوسف «أسير وخطوتي وحدي« . اجتمعوا من بلدان مختلفة: السودان. لبنان. مصر. المغرب. تونس. الجزائر. الكويت. السعودية. سوريا. الاردن. العراق (اسهمت الفرقة الوطنية للتمثيل التابعة لدائرة السينما والمسرح بمسرحية «مكاشفات» التي تتناول الحجاج بن يوسف الثقفي ومحاوراته مع جميلة العرب عائشة بنت طلحة التي استطاعت ان تكشف عن جوهر الدكتاتور في شخصية الحجاج، وهو يشبه الى حد كبير دكتاتوريي زمننا الحاضر! والمسرحية من إعداد الراحل قاسم محمد واخراج غانم حميد )..
وكم نتمنى أن يتم التنسيق بين وزارة الثقافة العراقية والهيئة العربية للمسرح من أجل إقامة مهرجانها القادم في بغداد.
كان القاسم المشترك بين اولئك المسرحيين هو الهم الإبداعي رغم اختلاف اللهجة واختلاف المناخ الثقافي ..جمعهم الموقف الإنساني المشترك في بلدانهم المختلفة. فالكل يعاني الإرهاب بنوعيه المسلح والفكري، والكل يفكر في التنوير في مجتمعات يسود فيها الموروث البائد والخرافات والخزعبلات. هدفهم الأساسي إيصال رسالة مشتركة الى الحاكم والمحكوم، خلاصتها هي :
كلما ازدهرت الثقافة تراجع التطرف، وكلما شاع التطرف تراجعت الثقافة.
فإياكم وتراجع المسرح، لأنه جامع الفنون وجوهر الثقافة.