المنبرالحر

حتى نمنع ايقاظ "الفتنة النائمة"! / محمد عبد الرحمن

هناك خلط كبير وواسع بين الانتماء الى طائفة معينة، وهو امر طبيعي وحق مشروع للمرء ويفترض ان يتم على قناعة ودراية تامة عند البالغين على الاقل، وبين من يستخدم انتماءه الطائفي للتمييز والتفريق وعدم الاعتراف بالآخر وتأجيج المشاعر الطائفية وتوظيفها لغايات ومآرب معينة، ليس بينها بالتأكيد حرص على البلد واستقراره، وعلى النسيج الاجتماعي المتعدد الاطياف. وهذا يستهدف الوحدة الوطنية في الصميم ويزيدها هوانا على ما هي عليه من هوان.
الطائفيون المنغمسون في اداء ما جرى توجيههم به ، وتنفيذ الاجندات الخاصة المرسومة لهم ، غير معنيين باللحظات والاوقات الصعبة والمعقدة التي يمر بها البلد ، ولا بمعركة شعبنا ضد الارهاب ومنظماته واولها داعش. والاكثر خطورة وتأثيرا هنا هم الطائفيون المتنفذون، من كل الاطياف والالوان. فبسطوتهم يؤججون الناس تحت عناوين خادعة ويخاطبون مشاعرهم الاولية بهدف تسخيرها لتحقيق اهداف سياسية اصبحت واضحة ، وقد تكرر هذا اكثر من مرة ، وفي مناسبات مختلفة .
في لحظة الاشتباك مع داعش وتحقيق انتصارات معتبرة عليه ، والاستعداد لخوض معارك جديدة لتحرير المزيد من اراضينا المغتصبة من قبله ، وبدلا من مشاركة عموم الشعب، افراحه بذلك، نجد من يريد توجيه الانظار الى امور اخرى ، وقضايا حسبنا ان ما مررنا به من محن ساعد البعض على استخلاص دروس تحول دون تكرار الاجواء الرهيبة التي عاشها البلد في اعوام 2005- 2007 ، والتي حصدت ارواح المئات من المواطنين ، وخربت ودمرت الكثير، وما زالت آثارها باقية وجراحها لم تندمل بعد .
فماذا يريد الطائفيون المتنفذون من سعيهم المحموم إلى اثارة « فتنة نائمة «؟ ألا يكفيهم ما هم عليه الان من مواقع ونفوذ وسيطرة واموال وتحكم برقاب الناس ؟! لعل من الصعب التصور ان الموجة الجديدة من العنف المنفلت ، المدان من كل العقلاء ، ومن المرجعية الدينية العليا، سواء في مدن محافظتي بابل وديالى او في البصرة، انها لا تريد ان توجه رسائل معينة وفي مقدمتها الى الحكومة ورئيس الوزراء العبادي ، والقول نحن هنا بقوة السلاح المنفلت والسائب وغير المسيطر عليه وحتى احيانا من بعض الطائفيين المتنفذين انفسهم ، وتضيف «نحن من يتحكم بالعراق ومستقبله»!.
ان ما يحصل امر خطير لا مصلحة لعامة الناس فيه، الا للقلة القليلة التي تسير على قاعدة « اذا مت ظمآنا فلا نزل القطر « ومنهج « علي وعلى اعدائي «. فهي غير مكترثة بالحرائق المحتمل ان يحترق فيها الاخضر واليابس اذا تمادى البعض في غيه و»ركب راسه «، وخصوصا بعد ان اصبح السلاح سائبا.
ان التصريحات وحدها لا تكفي، على اهميتها في تهدئة الخواطر وتبريد المواقف. فقد آن الاوان ان تؤخذ الامور على محمل الجد ، ويكفينا ما نمر به من ازمات. فالناس تكاد ان تختنق، فيما تأتي الاحداث على ما تبقى من شيء اسمه الدولة العراقية ، وعلى الهامش البسيط للحياة المدنية، على وفق ما تشهده شوارع عاصمتنا هذه الايام.
ان التحرك لاحتواء الموقف ومعالجته يتطلب جهداً سريعا، وفضح كل الطائفيين وتعرية مواقفهم، لكي ينتزع الناس منهم مواقعهم التي يستغلونها ابشع استغلال. فقد حولوها للهدم والتدمير. اما المليشيات سواء سميت « الوقحة « او « السائبة « او « الخارجة عن القانون « فقد حان الوقت لانهاء تحديها للدولة ومؤسساتها العسكرية والامنية!