المنبرالحر

قصة العيد! / يوسف أبو الفوز

في اليوم الاخير من عيد الفطر توجهنا الى بيت أبو جليل لنعايده وملبين دعوته للغداء، فقد ألزمته بيته وعكة صحية مفاجئة، ولأجل ذلك هاتفتني سكينة مبدية رغبة والدها، صديقي الصدوق، لمرافقته في سيارة جليل. خلال الطريق، لم يتوقف جليل عن التذمر، الذي بدأه منذ اولى لحظات لقائنا، فكان يكرر: هذا عيد الحزن، الموت في شوارع مدن العراق، والمجرمون القتلة يتلذذون بموتنا ونشر الحزن في بيوتنا، والمسؤولون عن الأمن مشغولون بأمور اخرى لا علاقة لها بحياة الناس!
كنت افهم جليل جيدا، فلقد اخبرني بأنه مر بأحد أماكن التفجيرات، في ثالث أيام العيد ورأى بعينه الدماء في الشوارع لم تجف بعد، وسمع عن قرب نواح الناس فلزم بيته، لكن حاجتنا لسيارته أجبرته على الخروج. كان أبو سكينة هادئا، ساهما يراقب الشوارع من خلال نافذة السيارة، وكنا في بيته تداولنا في احوال العراقيين وعدم تمتعهم بالعيد مثل باقي الناس في كل الدول التي تحتفل بعيد الفطر. أخبرتهم بأن الاخبار تقول ان كثيراً من أهالي بغداد لزموا بيوتهم مجبرين بسبب الظروف الأمنية والاقتصادية والسياسية ، وان هناك بعضا تجرأ وقام بزيارات للاقارب والاصحاب، وثمة القليل ممن شد الرحال الى مناطق كردستان ليتمتع بجمال الطبيعة ونعمة الامان. تحدثت سكينة وكانت محقة في تحديد جوانبَ من محنة العراقيين مع العيد: لا تنسوا حجم المخاوف والقلق الذي يسببه الوضع الامني، واذا غضضنا النظر عن ذلك، كون العراقيين تعايشوا مع الموت، فسيواجهون النقص في الاماكن الترفيهية، واذا تشجعت عائلة وغادرت بيتها فستنتظرها الزحامات المرورية !
ووجدها جليل فرصة ليعلق: والخوف من تفجير إرهابي غادر وانت في طريقك لتحتفل بالعيد مع من تحب، فالافضل ان تجلس في بيتك حالك حال أغلبية الناس!
قالت سكينة: ما يؤلمني هو أن بعض المسؤولين يستخفون بالناس؛ اذ يتحدثون كل مرة عن خطط أمنية جديدة لكنها لا توقف المجرمين عن سلب حياة الناس!
عندها تململ أبو سكينة وقال: هؤلاء المسؤولين وخططهم وتبريراتهم تذكرني بقصة رواها جدي عن قافلة فيها ستون رجلاً قام بتسليبهم رجلان فقط، فقالت لهم الناس ... شنو اللي صار، شلون غلبكم رجلان فقط وانتم ستون؟ فقال احدهم، وماذا وكيف نعمل، أحاط بنا واحد وسلّبنا الاخر؟!