المنبرالحر

لماذا نتظاهر؟ / ناصر الكعبي

يمر العراق بمرحلة مفصلية خطرة. وضخامة التحديات الاقتصادية والحربية والامنية تفرض ايقاعها على سير الحياة العامة للدولة والمواطن.
وكان المطلوب الصبر والتحمل رغم التجاهل المقصود وابتعاد قيادات العراق الحالية عن ملامسة واقع الحياة اليومية للمواطن وشريحة المعلمين خصوصاً, وكأن المتحدث يقول عليكم الصبر رغم الفشل والاحباط الذي ولّدته الحكومات المتعاقبة وتبديد ثروة البلاد وعدم التحسب مثل جميع الامم والشعوب.
ان المرحلة السابقة من الموازنات الانفجارية التي اتخمت جيوب التنفيذيين وبعض السياسيين والكتل والشركات التابعة إليهم, لم ينتفع منها المواطن وطبقات المجتمع, ولم تحدث فارقاً كبيراً في حياتهم التي ارهقها غياب العدالة في توزيع الثروات والامن النسبي الذي هدد حياتهم واهمال انشاء مؤسسات خدمية وبُنىً تحتية وصناعة وطنية قادرة على سد حاجة السوق المحلية. فكان البديل عن كل هذا ارتفاع النبرة الطائفية على ألسنة السياسيين وتبادل التهم بالفساد وتبديد خيرات البلاد والعباد. ان الفشل في الاقتراب من معاناة الشعب وتلمس مواجعه, جعل اغلب الشرائح الاجتماعية الفاعلة من موظفين وعمال ومعلمين بعيدين كل البعد عن صُنّاع القرار الذين اخذتهم نشوة السلطة ورفاهة الكرسيّ. اذ كانت اغلب قرارات البرلمان تصدر لمصلحة فئة معينة ولا تلبي رغبات وطموحات الجماهير , ناهيكَ عن قرارات واخفاقات الحكومات التي فشلت في توفير أي حلم من احلام التغيير الذي كان ينشده الشعب بعد 2003.
ومن ذلك ان نقابة المعلمين العراقيين خاضت نضالاً استمر أعواما حتى 2010 من اجل رفع التسكين عن رواتب المعلمين ورفض الحكومات المتعاقبة على وضع الاموال اللازمة ضمن الموازنات العامة وقت كان العراق يحتفل كل عام بموازنة انفجارية توافقية لم يحصل منها المعلم على أي شيء يعوضه سنوات الحرمان والتعب الذي استمر طوال فترة الحصار منذ 1990 الى 2003.
وفي وقتها كان راتب المعلم الشهر لا يساوي أكثر من دولارين ويأكل مع عائلته العلف المطحون مع الخبز, وبعد التغيير غاب المعلم ودوره ونقابته من جميع خطابات الحكومة والمسؤولين ولم يشاوره او يشاركه أي مسؤولٍ وهو المربي والقائد والمرشد, حتى كانت النقابة تناضل منفردة وتبحث عن فرص توزيع الاراضي وبناء المساكن والتأمين الصحي والدفاع عن المعلم, وتناضل من اجل اللقاء برؤساء الحكومات لنقل مظلومية هذه الشريحة, وان حصل اللقاء فمن دون نتائج تُذكر. ونحن نشاهد مرور الارقام المهمولة من الموازنات العامة التي لم تجلب الا الخلاف وعدم الاستقرار للوطن, وكانت القرارات تُتَخذ والبرلمان والحكومة على خلاف اغلب الاحيان.
من هنا نقول حينما انتزعت النقابة رفع التسكين وصرف المخصصات المهنية وبالنضال النقابي والتي كان نتائجها شكاوىً ودعاوىً كيدية وهي الى الآن امام المحاكم. لن تسمح النقابة وبعد كل هذه الجهود والتضحيات المساس بمكتسبات المعلم.
ومن هنا فأن العتب الذي تقدم ذكره نرد عليه ونقول من اراد صناعة القرار عليه مشاركة ادوات القرار والمستفيدين منه والمتضررين وبيان مساحة ومكان القرار. اما القرارات القاصرة التي تقوم على النظرة الاحادية القاصرة وعدم حسابات الضرر ومقدار الالم الذي يسببه لشرائح المجتمع وكأنه يقول انه قرار الراشد على الشعب القاصر وهذا مرفوض.
وبما انهم الآن لم يبرروا او يقدموا طروحات مقنعة وهم شركاء منذ 2003 فعليهم الانتباه لرغبات الشعب وعدم المساس بمقدراته ورزقه لأنهم لم يشاركوه حين انفجرت موازناتهم ولأنهم انفقوا دراهمهم في الايام البيض ولم يحتاطوا لليوم الأسود. فعليهم انتهاج سياسة شفافة بمشاركة مجتمعية واعية، وعلى الشعب أن يحسن خياراته ويترك الرعب الطائفي والاصطفاف المذهبي والخيارات النفعية وان يُنظر إلى مستقبل الأجيال باختيار من يرسم ملامح المستقبل وبشراكة حقيقية, لا كما يحدث الآن أنهم جميعاً متشاركون وجميعهم يشكون من شركائهم لأن الشراكة مبنية على الكره والانانية. نحن من قدَّم ويُقدم وسنقدم مع من يشاركنا القرار والهموم والآلام والآمال.