المنبرالحر

اعتقال الأبرياء نقص كفاءة ومؤشر فساد / علي فهد ياسين

احصائية السلطة القضائية المتضمنة اطلاق سراح أكثرمن(100) مائة الف من المتهمين الذين لم تثبت ادانتهم خلال العام الماضي، تأتي حلقة سنوية لمسلسل متكررفي نهاية كل عام، محسوب في خانة الانجازات السنوية للمحاكم في العاصمة والمحافظات وتوابعها الادارية، دون سعي لتحليل مسبباته وادواته والنتائج الخطيرة لتكراره السنوي على نفس السياق والتفاصيل، بالرغم من تقارب اعدادهم الشهرية على مدارالسنوات الماضية .
المتخصص بالقانون والمنفذ له لابد ان يكون على دراية تامة باسباب وتفاصيل الجرائم المفضية لاعتقال المتهمين، وطواقم القضاء هي الاخرى ملزمة بمعرفة تفاصيل الاجراءات المتخذة ضد المتهمين قبل تحضيرهم للوقوف امام المحاكم، وكل هذه التفاصيل تكلف خزينة الدولة أموالاً محسوبة التكاليف عن كل متهم، من بدء الاخبارعن جريمته ومروراً باجراءات اعتقاله والتحقيق معه، ثم ايداعه في مراكز التوقيف المؤقته، اونقله لمواقع بديلة قبل اصدار الحكم عليه، متضمنة حاجاته الانسانية الضرورية في المنام والمأكل والملبس والضروريات الاخرى، ناهيك عن تكاليف الأمان للمراكزالامنية في ظل الظروف الاستثنائية التي يمربها العراق.
هذا العددالسنوي(الكبيروالمتكرر)من الابرياء الذين يعترف القضاء العراقي بـ ( خطأ) اعتقالهم، لم تُدرس اسبابه الحقيقية من قبل( السلطات الثلاث) القضائية والتشريعية والتنفيذية، ولامن قبل هيئة النزاهة، بهدف معالجتها والتخفيف من تأثيراتها على الواقع الامني الهش الذي يعصف بالبلاد طوال العشرة اعوام الماضية ومازال، بالرغم من تأثيراتها الحقيقية في تصاعد العنف والجريمة في العراق .
الوجه الآخرلهذا الملف هو دلالاته على نقص الكفاءة في اداء الاجهزة التنفيذية والقضائية، لجهة تفسيرالقوانين واساليب تطبيقها، لأنه يتسبب سنوياً بـ (100) مائة الف(خطأ قانوني) ينتهك حرية المواطنين، دون محاسبة للمسؤولين عن تكراره، في بلد يحتكم الى دستور(يفترض انه) يحدد الحقوق والواجبات، وينظم العلاقة بين الشعب والسلطات !.
العوائل العراقية وحدها تعرف حجم ونوع المعاناة التي تعيشها بعد اعتقال احد ابنائها من قبل القوى الامنية، ولكل عائلة منها خكايات لاتوصف عن ذلك، ناهيك عن حكايات المعتقلين المطلق سراحهم، الذين تحققت باطلاق سراحهم تلك (الانجازات) !.
في ظل الازمة المالية الخانقة التي تعصف بالعراق نتيجة انخفاض اسعارالنفط، يبرز السؤال عن التكاليف المالية لهذا الملف خلال العام المنصرم والاعوام الماضية، وهي بمجموعها تمثل وجهاً مكشوفاً للفساد المنظم، الذي يكلف خزينة الدولة وعوائل المعتقلين الأبرياء أموالاً طائلة، تدخل نسبة كبيرة منها الى جيوب مافيات الفساد المتغلغة في مفاصل خارطته العنكبوتية .
لابد من وقوف السلطة القضائية في العراق أمام مسؤولياتها الدستورية في معالجة هذا الملف الخطيرفي مضامينه، لتحديد الاسباب الحقيقية في استمراره بنفس الوتيرة طوال السنوات الماضية، تمهيداً لوضع الحلول الفاعلة لمعالجته، بالتعاون مع السلطتين التشريعية والتنفيذية، ومن دون ذلك سننتظراحصائية مكررة لاطلاق سراح (100) الف برئ خلال هذا العام، يعلنها القضاء العراقي اوائل العام القادم، وكأننا ندورمع (ناعور) انجازات هوائية !.