المنبرالحر

المالكي.. والخطاب الاسبوعي / عبدالمنعم الاعسم

القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء نوري المالكي بتقديم خطاب اسبوعي "الى الامة" ينبغي ان ينظر اليه من زاوية الدواعي التي تقف وراء الاتصال الاعلامي بالمواطن، وبهذا الوقت بالذات الذي يسجل فجوة كبيرة بين الخطاب الرسمي (السياسي والامني) والجمهور، وهي دواعي صحيحة في العموم، اذا ما اعتبرنا بان الخطاب الاعلامي لكابينة رئيس الوزراء والسياسيين المقربين منه اخفق في تقديم اجوبة اعلامية مقنعة للاسئلة التي تدور في الشارع، وانه بقي يلهث وراء الاحداث، وتخلف عن الحضور الفاعل وسط الفواجع التي عصفت في اوساط الملايين العراقية.
الافتراض بان كابينة رئيس الوزراء تلمست (ثم اقتنعت بـ)عجز وتناقضات وتخلف ماكنتها الاعلامية مشكوك فيه، حتى الآن، فثمة تسويقات توحي بالرضا، والاقتدار، والاطمئنان ازاء الحال الاعلامي الرسمي او الممول من الحكومة، وثمة محاولات تهريب هذا العجز الى خانة الظروف الاستثنائية، او الى الهجمة الاعلامية "التآمرية" الخارجية، وثمة اصرار على التقليل من شأن ضعف وتضارب مكونات هذا الاعلام، وبخاصة السياسيين المقربين من المالكي الذين يطلقون رسائل متناقضة وانفعالية، ويتعاملون بفوضى وانتقائية مع اقنية الاعلام، ويخفقون كثيرا في الوصول الى دائرة مشغولية الرأي العام.
نعم، هناك حاجة ماسة للاتصال المكثف بالجمهور من قبل الرجل الاول المسؤول عن القرار السياسي، وسيكون هذا الاتصال ناجحا ومثمرا كلما كان بعيدا عن لغة التبريرات وإعفاء النفس من المسؤولية ودفعها الى جهات اخرى، وكلما ارتبطت هذه اللغة بتحسن ملموس في اداء السلطات وتجانسها وبالخدمات التي تقدمها للشعب، وكلما اتسمت بالمراجعة والنقد والشجاعة في تحمل المسؤولية وبالاعتراف بالاخطاء والتقصير، وكلما نأت بنفسها عن ملف الصراع الفئوي والخصومات والمخاشنات بين الكتل واستخدام مفردات التهديد وليّ الايادي، وكلما ارتقت بالجملة الخطابية الى مستوى الوضوح والمباشرة وتسمية الاشياء باسمائها وتجنب الاشارات الموحية الشائعة بالتصريحات الرسمية والصحافة.
وبكلمة، ننتظر ان لا تكون كلمات رئيس الوزراء الاسبوعية بمثابة تعليقات على الاخبار..وقد شبع العراقيون منها.. ولا هي مبالغات بما تحقق من "انجازات" .. ولا تفخيم لتدخل "نوع" معين من الجيران في شؤون العراق، وليس من شك في ان الرجل يعرف مثل هذه الموجبات، والخشية ان يقع في بروفات مقترحة من محيطين قد لا يقدرون معنى ونتائج النفخ في قربة مثقوبة.