المنبرالحر

تاء التأنيث فاعلة و.. فاعلة / مقداد مسعود

في حوار أجرته إحدى الفضائيات مع المناضل حميد مجيد موسى "أبو داود".. لا حظنا انه ما أن يذكر الشهيدة "عايدة ياسين" حتى يضيف السيد المحاور: زوجة بهاء الدين نوري.. فإذا بأبي داود يقاطعه مبينا له: أن الشهيدة عايدة لا تحتاج تعريفا خارج سيرتها البطولية الشامخة. "أبو داود" هنا لا يحذف "بهاء الدين نوري".. بل يرفضه أداة تعريف للشهيدة عايدة.. فهي مكتفية ومكتملة بسيرتها المكتملة بعلو الاستشهاد دفاعا عن عراقٍ بلا طغاة...
أثناء انفجارات "شارع عبدالله ابن علي" في البصرة قبل سنتين انتشرت اللافتات السود ضحايا تفخيخ الشارع نفسه.. كانت اللافتات النسوية تعلن بطريقة الحذف لا يذكر اسم المرأة الشهيدة، فثمة إنابة في الإعلان:"أرملة المرحوم"، "والدة كل من..." أو "أخت الأستاذ....."، أو "ابنة..."، وهنا أتساءل: هذه المرأة العراقية/ البصرية.. أمنا..أو أختنا أو أبنتنا، ألا يستحق اسمها أن يثبت لنذكرها دائما وتضيء ذاكرتنا الجمعية وتدخل أرشيف المدينة وتاريخها الناصع..؟!.
في شهر رمضان لهذا العام في جريمة التفخيخ المزدوج في محلة التحسينية كانت اللافتات أيضا تحذف اسم الشهيدة المرأة وتثبت فقط الشهيد الرجل!. كيف نحذف اسم من تشظت؟ وما الذي يدعونا لحذف اسم المرأة ضحية التفخيخ أو المرأة المتوفاة؟، وما العيب في ذكر المربية والبطلة والكادحة والمناضلة، أو المخطوفة ثم المقتولة غدرا؟.
خلافا لذلك كان الأمر في السجون "المصرية الناصرية"، كان الجلادون يمحقون اسم السجين اليساري أو الاخواني ولا ينادونه إلاّ باسم أمه وكانوا: الشهيد شهدي عطية الشافعي والناقدين اليساريين محمود أمين العالم وتوأم روحه وفكره الدكتور عبد العظيم أنيس والروائي صنع الله ابراهيم والعشرات من السجناء اليساريين يرغمونهم على ان يقولوا بملْ الفم:"أنا مره"!. وسيومئ نجيب محفوظ بطريقة فذة لهؤلاء السجناء المصريين في "السكران يغني"، أحدى قصص "خمارة القط الأسود" التي دبلجت للعراقية ومثلها الممثل الكبير "يوسف العاني" تحت عنوان "عبود يغني" وعرضها التلفزيون العراقي في سنوات الأبيض والأسود.. عبود يختفي في البار وحين يكتشف أمره بعد منتصف الليل، وتحضر الشرطة وتترجاه أن لا يفعل شيئا، فقد هددهم السكران بأن أي محاولة منهم تجعله يحرق البار بعلبة الكبريت التي في يده، هكذا خدعهم.. ثم يوافق أن لا يفعل شيئا بشرط أن يصيح ضابط الشرطة بأعلى صوته: أنا مره!..
نحن في فضاء من الوعي الجمعي الذكوري التقليدي: المرأة المتفردة بجدارتها في أي ميدان من الميدان نزنها هكذا: هذه المرأة تعادل "ألف رجّال"، لأن الوعي الجمعي ذكوري على مدار الساعة، فلا فرق بين الأمر الإداري لأحد الفحول الثلاثة في العصر الأموي،"إذا صاحت الدجاجة صياح الديك فاقتلوها"، وقول الأوربي "في عطر كل امرأة ثمة رجل"، فكلاهما ينتزع من المرأة فاعليتها النسوية ويجعلها محض رد فعل وليس فعلا إنسانيا مشاركا في الحراك الاجتماعي، رغم كل ذلك واصلت وتواصل المرأة العراقية ازهرارها في الفضاء كله وتلك ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها.. بل يستحيل
هل..
رأيتن../ رأيتم..
طيرا..
بجناح...
واحد...؟