المنبرالحر

التجاوز الحكومي على معاشات المتقاعدين / مهدي العيسى *

سبق وان طالب الشعب العراقي كلا من الحكومة والبرلمان، بإجراء إصلاحات حقيقية على جوهر العملية السياسية، وشدد في مطالباته على الغاء نهج المحاصصة المقيت، واعادة تنظيم بنية الاقتصاد الوطني بالغاء الريعية، والشروع في إعادة اساهم كل القطاعات الإنتاجية في الناتج المحلي الإجمالي، وايجاد تشريعات تقضي على جميع اشكال الفساد ومحاسبة الفاسدين والمفسدين، وانزال العقوبة بهم، واسترجاع اموال الشعب منهم، التي استولوا عليها من دون وجه حق، وصولاً إلى بناء الدولة المدنية الحديثة.. دولة المواطنة ذات القضاء العادل والنزيه، والتي تُقدم الخدمات للمواطنين، وتوزع عليهم الثروات بشكل عادل من دون تمييز.. الدولة التي يتعايش فيها كل النسيج الاجتماعي الوطني من دون حقد او كراهية، وبما يحقق السلم الاجتماعي. وبدلاً من ذلك كله، اتجهت الحكومة الى اتخاذ اجراءات ترقيعية استهدفت فيها الشرائح الاجتماعية الفقيرة، ومنها شريحة المتقاعدين. فعمدت الى تخفيض رواتبهم على مرحلتين، في الاولى وصلت النسبة إلى 7 في المائة، وفي الثانية الى 3 في المائة ليصل مجموع ما تم استقطاعه منهم الى 10 في المائة. وقد صدر قرار التخفيض عن مجلس الوزراء الذي اتخذه متعكزا على المادة 36 من قانون التقاعد الموحد رقم 9 لسنة 2014 ، التي تنص على "تزداد بقرار من مجلس الوزراء الرواتب التقاعدية كلما زادت نسبة التضخم السنوي، على ان لا تكون الزيادة أكثر من نسبة التضخم".
ان هذه المادة هي الحاكمة بزيادة رواتب المتقاعدين، وكان من الاصوب التقيد بها والالتزام بنصها. ولو اراد المشرع لأورد نصا يخول مجلس الوزراء بتخفيضها.
لقد نصت المادة 2 من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 وتعديلاته على "لا مساغ للاجتهاد في مورد النص"، فضلاً عن احكام قانون الاثبات العراقي رقم 107 لسنة 1979، وتعديلاته، حيث نصت المادة 3 منه على "إلزام القاضي بإتباع التفسير المتطور للقانون ومراعاة الحكمة من التشريع عند تطبيقه". واذا ما أضفنا التقاطعات السابقة لقوانين التقاعد التي تلت قانون رقم 33 لسنة 1966 وتعديلاته، ومن هذه القوانين قانون رقم 27 لسنة 2006 وتعديله رقم 69 لسنة 2007 الملغيان، وقانون رقم 9 لسنة 2014 الحالي، سنجد ان احتساب الراتب التقاعدي قبل عام 2006 يختلف عن المحال بعد العام المذكور، والاثنان يختلفان عن المحالين الى التقاعد بعد عام 2008 ، والثلاثة معا يختلفون عن المحالين بعد عام 2010 الذي تم فيه تفعيل صندوق التقاعد. وجميع الذين ذكرتهم يختلفون عن المحالين الى التقاعد بعد عام 2014 ، ولذلك ظهرت فروقات مالية كبيرة في الرواتب التقاعدية على الرغم من تساوي النماذج في عدد سنوات الخدمة والدرجة الوظيفية والمؤهل .
نعود الى عنوان هذا الموضوع "التجاوز الحكومي على معاشات المتقاعدين". ان اجراءات الحكومة والبرلمان على المتقاعدين، تعد أمرا غير قانوني، لكون المتقاعدين خارج الخدمة واموالهم تجمعت من خلال التوقيفات التقاعدية المستقطعة منهم خلال سنوات الخدمة الوظيفية، ورغم هذا وذاك نجد ان هناك اجراءات مزاجية وكيفية قانونية في تحديد شمول فئة وترك فئة اخرى تم استثنائها. وللأسباب ذاتها مجتمعة نطالب الحكومة بالتوقف عن الاستقطاع واسترداد الاموال التي تم استقطاعها لاحقاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
* رئيس الجمعية العراقية للمتقاعدين