المنبرالحر

التقدم والتخلف.. لماذا تقدموا وتخلفنا ؟/ د. ناجي نهر (1)

سؤال صغير بعدد كلماته، لكن اوراق الدنيا سوف لن تكف للاحاطة بتفرعاته والاجابة الكاملة عن تفاصيل احداثه التاريخية الموثقة بعلمية ،فقد سبق لي قبل ما يقرب من عقد من السنين الماضيات ،ان اجبت على هذا السؤآل بحسب معلوماتي المتواضعة ،واكرر الآن الاجابة عنه باختصار، وباسلوب مبسط ،لكي تعم الفائدة باهميته فى تغيير الحال من سئ الى حسن.

فخلاصة اجابتي اليوم ،انهم تقدموا(الشعوب الغربية) عندما اكتشفوا سر تخلفهم ،وغيروا ما بانفسهم من سؤ، وتخلفنا نحن (مجتمعات العالم الثالث) بسبب اصرارنا على الجمود على ثقافتنا السلفية القديمة الضارة بمجتمعاتنا جدا جدا:   فلقد كان اكتشاف الشعوب الغربية لسر تخلفهم ، لم يتعد [الخلط بين ثقافة الدنيا والآخرة] والجمود على هذه الثقافة الوفا من السنين صاغرين، فأصابهم التخلف والارباك من حيث لا يعلمون ،او لا يعلمون ، فظلوا جراء ذلك طوال تلك السنين متخلفين ،ويعانون الامرين ،حتى ضاقوا ذرعا ونفذ صبرهم على التحمل جراء تداعيات ما كانوا به يعتقدون ، فلم يبق امامهم سوى ان يتجرأوا على تغيير ما في انفسهم من افكار سلفية وثقافة متخلفة، فقرروا بشجاعة المناضلين [فصل ثقافة الدنيا عن ثقافة الآخرة]. 

ولذا فانا هنا انتهزهذه الفرصة للاهابة بكل المناضلين العلمانيين للمزيد من التضحية والعمل العلمي المبرمج فى توعية مجتمعاتهم ، بنهج متواصل وهادف ، لانقاذ شعوبهم بسرعة من ثقافة الخلط بين ثقافة الدنيا وثقافة الآخرة ،واختزال زمن القهر والمعاناة بالاستفادة من تجربة الشعوب الغربية الناجحة ،بفصل الدين عن السياسة. 

فالشعوب الغربية حينما وضعت اصبعها على الجرح ،وفصلت ثقافة الدنيا عن ثقافة الآخرة ،تجلت لها بوضوح اهمية الانسان ومكانته الحاسمة فى قيادة دفة الحياة ،ومواصلة تطورها ،فكان ما كان من تطور عجيب ومذهل على مختلف الاصعدة الفكرية والتقنية ، تجلى بنقاوة صفات الانسان البعيدة عن التعالي على الغير والادعاء الوسخ والمفرط بالعنجهيات الشاذة والتمسك فقط بعمل الانسان المتدرج السمو، وعلومه المبرهن على صحتها وفائدتها بالمقاييس المختبرية وسوح الميادين العملية المكشوفة.   (العمل مأثرة الانسان فى تطويرالحياة وبناء الاوطان).

ولذلك ايضا تجد مختلف علماء الاجتماع يوكدون على اهمية عمل الانسان فى تطوير الحياة ، وعلى ضرورة الاعتراف بحقوق الانسان كاملة وغير منقوصة ،وفي اقل تقدير كما جاءت بنصوص وثائق الامم المتحدة من توفير الحرية الكاملة للانسان ، باعتباره اثمن رأسمال و كما يلاحظ ايضا ان الشعوب الغربية تسودها اليوم مثل انسانية عالية مختلفة عن الماضي المتوحش ،حيث كانت الثقافة السائدة حينذاك تحط من قيمة الانسان فتختزله وتحوله ،من انسان قائد للحياة ومطور لها الى عبد حقير لمتصور وهمي ، بمدى سعة خيال المتصور اللا محدودة  ومتناقضاتها المتقاطعة الضارة .  ولذلك تجد الشعوب الغربية بعد تخلصها من هذه الاوهام ،جادة باحترام الانسان وحقوقه واحترام كافة الدساتير والقوانين التي سنت من اجل تطبيق هذه المبادئ الانسانية الجديدة، وتطبيقها بكل صدق وجدية وانضباط ،بغض النظر عن الاختلاف فى العرق والثقافة ،وان هذا الاحترام ملزم للجميع ومتطور الى امام.. 

يتبع