المنبرالحر

حظ المصالحة السيئ / قيس قاسم العجرش

الحكومة السابقة لم تعتق الملف هذا من المحاصصة والاستغلال وبذلك فاتت الفرصة على إرساء المصالحة بسهولة ورخص مؤسفين.
وحينما كانت هناك «وزارة» للمصالحة الوطنية ووفرة في الأموال تولت المنصب شخصية حزبية مرشحة من حزب لديه مشاكل واسعة النطاق مع الآخرين.
واندرجت تحت بنود الصرف المفتوح حينها جمهرة ممن عرفوا بمجالس الاسناد وهي تمخضت بالنهاية عن دعم في غير محله لزعماء عشائر لم يغيروا في النهاية أي شيء من الحال على الأرض.
لكن ملف المصالحة الذي كشف مؤخراً عنه وعن اجراءاته التفصيلية، تبين أن فيه الكثير مما يدحض القول أنه لم يعمل أي شيء.
الآلاف من البعثيين السابقين(من الذين استهدفت المصالحة تمييز من لم يتورط منهم بجريمة واعادة تأهيله للحياة المدنية) تمت اعادتهم الى الوظيفة الحكومية والى الجيش أو أحيلوا على التقاعد وهم يستلمون رواتبهم التقاعدية الآن، وذلك منجز في معيار ملف المصالحة. لكن الحكومة لم تسوّق هذا المنجز لأنه (كما تظن) سيضر بشعبيتها.
لماذا يضر بشعبيتها؟.
لأنها سبق أن قدمت الشعبية في مفهومها على انها شعبية طائفية. وإنها كانت تعتاش على الأزمة الطائفية، كلما زادت من شحنة العداء لدى الناس، كلما تمكنت جهات بعينها من حصاد أكبر لريع السلطة.
يعني انها لم تكن تفصح بالتفاصيل عما نفذته في مجال المصالحة الوطنية لأنها كانت قد روّجت بالأصل الى ان المصالحة الوطنية إنما هي نوع من أنواع التنازل والهزيمة.
والحقيقة ان كل المصالحات في التاريخ تنظوي على نوع من التنازل لأجل مصلحة أكبر، ويكون فيها مدى السلام أوسع والحصيلة ربح أكثر للجميع تهون معه التنازلات الأولية.
لكن أموال الوفرة النفطية صارت من الماضي. ووزارة الدولة لشؤون المصالحة اختفت. وملفاتها التي تثبت انها فعلت شيئاً في هذا المجال لم يعد لها أي وقع إعلامي. علماً أن الإعلام هو أول ساحات عملها.
اليوم لم يعد هناك مجال في الوظيفة الحكومية بعد تخمة الدوائر وتراجع المداخيل النفطية وشِحّ الرواتب. لم يعد هناك أي مجال لإعمار مناطق معينة وفقاً لبرامج المصالحة، لأن داعش أكلت ما أكلت وأحرقت ما أحرقت، وفوق هذا خربت ما خرّبت من النفوس.
كل هذا فات ميعاده.
فهل يحين وقت العقلانية لتثبت ان فيها يكمن الخلاص؟
لكن هل تنفع العقلانية في رؤوس لم يسبق لها أن استخدمت العقل في ظروف أبسط من هذه؟. حتى العقلانية بحاجة الى مراس وتدريب لمن يستخدمها في مكانها المناسب.
فهل سيكون انتظارنا مثمراً أم انه سيطول؟