المنبرالحر

المرأة العراقية وثقل الحجاب على رأسها/ أمير أمين

مثل النار في الهشيم إنتشر الحجاب في العراق بشكل مهول وبألوان وأشكال وأحجام متنوعة وشمل جميع الفئات العمرية ومن ضمنها الأطفال الصغار وخيم على المدارس من الإبتدائية الى الجامعات وخاصة في المناطق الوسطى والجنوبية من الوطن بحيث لم نعد نرى أية بنت أو إمرأة تمشي في الشارع بدون هذا الغطاء ....الواقي للعفة والشرف والإلتزام الديني !! كما يعتقد الكثير من العوائل التي أرغمت بناتها على التحجب في وقت مبكر من حياتهن.. لكن بالإكراه وبدون قناعة الكثير من النساء وخاصة الشابات المتعلمات وطالبات الجامعة اللواتي يرغمن على إرتدائه خوفاً من البطش بهن من أولياء أمورهن أو من عدد من الأقارب الذين يتفاخرون بإعتقادهم الساذج بأن طهارة المرأة وعفتها وإحترامها للتقاليد الدينية والإجتماعية لا تكتمل إلاّ بوضع قطعة القماش هذه على رؤوسهن ومن بعض المتاجرين بالدين والشرف الرفيع المزيف ! ويعتقد البعض من المتخلفين أو السائرين بركب الدين الإسلامي أن الحجاب فريضة على كل مسلمة منذ نعومة أظفارها ولحين وفاتها ويروجون لهذا في مقالاتهم وفي الفضائيات لكن بعضهم يتراجع مكسوفاً حينما يسأل وبإلحاح عن الحجاب وهل هو فرض من الله أم ليس ذلك فيبدأ الرجل بالتلعثم وتبرير إرتدائه من قبل المسلمات ثم يستسلم أمام الكاميرات وينطق بالحقيقة المرة وهي أن الحجاب ليس فريضة وهذا ما شاهدته قبل فترة من الزمن حينما إستضافت إحدى الفضائيات مفتي المملكة الأردنية وسألته عن الحجاب وأقر بعد صعوبة وعناء شديد من قبل مقدمة البرنامج من أنه محبذ للمرأة المسلمة وليس فرض عليها علماً أنه لو كان فرض لنزلت به آية صريحة تلزم ذلك لكن جميع سور القرآن المثبتة في المصاحف وهن 114 سورة لم تتطرق إحداهن الى ما يسمى فريضة الحجاب لكن هناك إشارات في بعض الآيات تطرقت الى طريقة وضع الخمار بالنسبة للمؤمنات وحول زينتهن ومن الآيات ما خص زوجات النبي دون غيرهن كما ورد ذلك جلياً في سورة الأحزاب ومن قوله ..يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيما .).. ومن سورة النور قوله ..: وقل للمؤمنات أن يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلاّ ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلاّ لبعولهن وآبائهن.)... فنرى هنا بشكل واضح من خلال سورتي الأحزاب والنور أن القرآن لم يجبر المرأة المسلمة بوضع الحجاب لتغطية شعر رأسها كما هو المتداول عليه في الوقت الحاضر وهناك فهم خاطيء في تفسير إحدى الآيات والإدعاء بأنها تلزم المسلمات بإرتداء الحجاب وقد ذكرها وشرحها معروف عبد الغني الرصافي في كتابه القيّم في الشخصية المحمدية وسيرة الرسول محمد ومنها ما قال في هذا الصدد.. وهي حينما تزوج النبي محمد من زينب بنت جحش والتي كانت متزوجة قبله من زيد بن حارثة عمل النبي وليمة وذبح شاة وأطعم الناس اللحم والخبز حتى إمتد النهار وهذا أغلى طعام عندهم في ذلك الوقت ولما إنتهوا من الأكل خرجوا الى بيوتهم وبقي عدد منهم لفترة طويلة لا يرغبون في الخروج وكانوا يتكلمون ومحمد محرج ويريد الدخول بزوجته وكان يدخل ويخرج قليلاً ثم يعود ويجدهم على حالهم..! فطلب زينب وذهب بها الى عائشة فأخبروه ..أن القوم خرجوا فرجع حتى وضع رجله في أسكفة البيت داخله وأخرى خارجه وأرخى الستر بيني وبينه.. كما قال أنس فنزلت آية الحجاب ومنها ..يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلاّ أن يؤذن لكم الى طعام غير ناظرين أناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث ، أن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق ، وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ، ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن .)..ومعنى الحجاب هنا هو لمنع النساء من الإختلاط بالرجال غير المحارم وليس معهن محرم وهذه الآية خاصة بنساء النبي دون غيرهن من نساء المسلمين بدليل أنه خص بالذكر بيوت النبي وكان يشير يالذات الى جلوس أولئك الثقلاء عند زينب في بيتها بالوقت الذي كان فيه محرج من تأخر الوقت عليه لكي يدخل بزوجته زينب بهدوء ودون ضجيج من الضيوف. وكما يحدثنا التاريخ وما درسناه في الشخصية المحمدية نرى أن النبي كان أكثر تقدمية وإنسانية ورقة وعاطفة وإحترام ومحبة في علاقته مع النساء من عدد كبير من المتأسلمين الحاليين الذين يحاولون كبت طاقات المرأة الخلاقة ووضعها أداة للحمل والإنجاب وتربية الأطفال فقط وأن تكون أسيرة البيت ويهمهم جداً أن تكون متحجبة بحجاب واحد أو أكثر يغطي كل شعر رأسها كابتين إحدى أهم النعم الجمالية عليها بعد العين وهي جمال شعرها ورقته وإنسيابه لذلك أرى أن على كافة النساء المسلمات في العراق النضال ضد المفاهيم الرجعية المتخلفة ومحاربتها بضراوة وخلع قطعة القماش هذه ورميها في القمامة لأنها ليست مقياساً لطهارة المرأة المسلمة ولا لتمسكها بالأدب والتقاليد الإجتماعية وليس لها علاقة بالإيمان أو عدمه وسوف ترى وقوف أخيها الرجل المتعلم الواعي بجانبها يشد من أزرها ويحميها في كل الظروف مثلما كنّا مع أخواتنا وقريباتنا في السبعينيات وما قبلها حيث كانت مدارسنا وجامعاتنا ودوائر الدولة العراقية تعج بالنساء السافرات الفاتنات اللواتي ننظر اليهن بتقدير عالي وكان المجتمع يتشرف بهن ولم تكن تشوب أخلاقهن أية شائبة بينما يتحدث المجتمع الآن عن أفعال شائنة تقوم بها عدد من المتحجبات في العراق أو في عدد من البلدان العربية والإسلامية !!
علينا جميعاً وخاصة الكتاب والأدباء والسياسيين المتنورين بالأفكار الوطنية والتقدمية ومن الجنسين المساهمة في توعية المجتمع العراقي وخصوصاً جمهرة النساء وأهاليهن بخطورة ومضار الحجاب على البنات والطالبات بشكل خاص وخطورة الأفكار السلفية على مستقبلهن ومستقبل الوطن برمته وعلينا توعية المرأة وشد أزرها للنضال مع أخيها الرجل ضد كل ما يعيق تعليمها وتطوير مداركها على كافة الصعد لكي تأخذ مكانها اللائق في طليعة المجتمع العراقي للمساهمة في نهوضه وتطوره وعلى المرأة بشكل خاص أن تتحدى التقاليد الرجعية المتخلفة وأن تحاجج مروجيها الذين ما إنفكوا يلوكون حكم وأمثال وأحاديث منسوبة للنبي يأتون بها من جيبهم الخاص للحط من مكانة المرأة ولهدر كرامتها وتحقيرها من قبل الرجل وإعتبارها عورة ..! حتى أن بعضهم حينما يتحدث بشيء يخصها يقول الحرمة تكرم عن طاريك وكأنها شيء قبيح جرى على لسانه وليست أماً لأطفاله أو إحدى قريباته..
وفي مناسبة عيد المرأة العالمي أحيي بنات ونساء بلدي العراق الطيبات الرائعات وأهدي لهن باقات ورود حمراء جميلة متمنياً لهن الصحة والنجاح في حياتهن وعملهن وأتمنى أن يمتلكن الشجاعة والثقة بالنفس للتخلص من الحجاب الذي يضغط على نفوسهن وقلوبهن الطيبة.