المنبرالحر

رواتب الموظفين ودكان «بيرم» / ثامر الحاج أمين

تقف العملية السياسية في العراق عند مفترق طرق خطير، نتيجة الأخطاء المتلاحقة التي شابت مسيرتها المتعثرة، والتي أدت الى نكوص وتراجع في الميادين كافة، آخرها الأزمة الاقتصادية الخانقة التي وضعت مصائر جموع واسعة من الشعب في مهب الريح، وذلك بسبب الفساد الذي ساد أداء الكتل السياسية المتنفذة، وكذلك بسبب اعتماد نظام المحاصصة الطائفية والحزبية في تشكيلة الحكومة، والذي أوصل البلاد الى حافة الهاوية.
ويبدو ان الحكومة، وفي محاولة يائسة لمعالجة فشلها والخروج من بعض أزماتها المتفاقمة، وجدت في رواتب الموظفين (حايط انصّيص) ــ وهي كناية تقال لمن يكون على الدوام لقمة سائغة وميسورة لأفواه الطامعين ــ فهي بين الحين والآخر تقوم بهجمة تقضم فيها جزءا من هذا الراتب، الذي هو أصلاً لا يسد رمق أعداد واسعة من هذه الشريحة الكبيرة.
وموقف حكومتنا من رواتب الموظفين يشبه محنة الشاعر بيرم التونسي مع المجلس البلدي. فبعد النكبات التي حلت بهذا الشاعر وأبرزها يتمه المبكر وتركه المدرسة بسبب الضائقة المالية التي اضطرته الى فتح دكان للبقالة في مدينة الاسكندرية، من أجل توفير لقمة العيش، أخذ المجلس البلدي في هذه المدينة بالضغط عليه ومضايقته من خلال المطالبة بالرسوم والضرائب والرِشا من دون مراعاة وضعه الخاص. وهو ما دفع الشاعر إلى ان يكتب:
«إذا الرغيف أتى فالنصف آكله.. والنصف اجعله للمجلس البلدي
يا بائع الفجل بالمليم واحدة.. كم للعيال وكم للمجلس البلدي
كأن أمي أبل الله تربتها.. اوصت وقالت: أخوك المجلس البلدي».