المنبرالحر

مَعايير خاصَّة للحُكْم !/ يوسف أبو الفوز

في زيارتنا الدورية لبيت صديقي الصدوق أَبُو سُكينة، ونحن نعيش أجواء يوم المرأة العالمي، راحت سُكينة وبمعيتها زوجتي يخضن النقاش حول دور المرأة المتميز في الحراك الجماهيري. مساهمة جَلِيل في النقاش معهنّ، قادت الجميع للحديث عن التطورات في مواقف القوى السياسية من موضوعة التغيير والاصلاح، واتفقوا مع جَلِيل على انه في الوقت الذي يتصاعد صوت الجماهير الغاضبة مطالبة باصلاح حقيقي وبالتغيير، وتتعمق الازمة التي تواجهها البلاد، وحيث ان الاوضاع لم تعد تحتمل الكثير من النقاشات، بل تتطلب الاستجابة السريعة لاستحقاق الاصلاح والتغيير، فأن هناك قوى سياسية لا زالت متمسكة بصياغات مختلفة لنهج المحاصصة الطائفية والاثنية الذي لم يجلب للوطن والشعب سوى الويلات والمحن.
كرر جَلِيل القول انه لا ينفع اي اجراء ترقيعي للمناورة، فالبلاد بحاجة لبديل واضح يعتمد المواطنة اساسا في دولة المؤسسات .
شاركتُ في النقاش واشرت الى تباين وجهات النظر على الساحة السياسية في فهم الحاجة لحكومة تكنوقراط ، التي تتصاعد بين الحين والاخر المطالبة بها من قبل بعض القوى السياسة. فقال جَلِيل ان بعض القوى السياسية تشغل نفسها ومعها المواطنين في النقاش حول مفهوم التكنوقراط، بينما المطلوب هو التحرك السريع وتكليف من يتسمون بالكفاءة والمهنية والنزاهة ومعروف بالاخلاص لمفاهيم الديمقراطية والالتزام بالدستور واحترام المؤسسات الدستورية بحيث لا يكون العمل الحكومي حكرا لحزب او كتلة دون باقي ابناء الشعب .
ضحك أَبُو جَلِيل ورفع صوته حتى يسمعه الاخرين : بوية شبيكم شاغلين انفسكم بهذولة الناس، هذوله صاروا مكشوفين ... عمي أكو ناس ما تريد التغيير والاصلاح ، لان ما تريد تعوف فرصة النهب والسلب ... سوالفكم ما تمشي عدهم، شنو كفاءة .. شنو نزاهة ... شنو تنك قراط .. شنو تنك لوجيا ، شوف شلون المناصب عدهم تتوزع على ابن الاخت وابن الخالة وزوج بنت العم وابن العشيرة ، وزوج البنت النسيب والحسيب ، ناس تعلمت على .... !
طيلة الوقت كان أَبُو سُكينة يتسمع، لكنه سعل فجأة ،فكانت مقاطعته لحديث أبي جَلِيل : يعني يا صاحبي قصدك تريدنا نترحم على روح خروشوف ؟!
وقص أَبُو سُكينة علينا حكاية تنسب للزعيم السوفياتي نيكيتا خروشوف (1894 ــ 1971) ، الذي تولى زعامة الحزب الشيوعي السوفياتي للفترة (1953 ــ 1964) ، وتروى عنه وتنسب اليه العديد من المواقف الطريفة. حيث عرف بتعليقاته اللاذعة وتصرفاته المخالفة للضوابط الدبلوماسية. ومنها انه حين زار المملكة المتحدة، راح مسؤول قسم التشريفات يقدم له الشخصيات السياسية والفاعلة في الدولة. وعندما جاء دور زوج الملكة قدمه باختصار بأنه : زوج الملكة ! فسأل خروشوف : وما هي وظيفته في الدولة ؟ فجاء الجواب بأنه زوج الملكة. وكرر خروشوف السؤال : وماذا يعمل؟ وتكرر الجواب بأنه زوج الملكة. فتململ خروشوف واستيقظت فيه روح راعي الغنم، وهي مهنته الاولى، فقال متبرما : أعرف وظيفته في الليل، لكن ما هي وظيفته في النهار؟