طائفية واتفاقية / قيس قاسم العجرش
- التفاصيل
- نشر بتاريخ الخميس, 22 آب/أغسطس 2013 20:29
يفهم القاصي والداني إن تقسيم مجتمعنا طائفياً كان كارثة سياسية واجتماعية وخدمية وأخلاقية بكل المعاني.
ادرك الناس جميعاً اليوم إن بطانية الطائفية مبللة تحت المطر والصقيع، فهي لن تستر أحداً ابداً.
كما فهموا عبر عمليات إنتخابية متتالية إن النداءات الطائفية المحفزة التي تأخذ أشكال الدعوة الى حمية أو غيرة على مذهب، تحولت بالنهاية الى هاويتين اساسيتين سحيقتين، الأولى أنها طمستنا في حرب الطائفة ضد "أعدائها" أو ضد نفسها .والثانية أنها جلبت طائفيين لا يحسنون سوى اللصوصية ليتسلموا معظم مهام الدولة.
لكن للطائفية مصادر إستدامة تكرسها في الذهنية العامة وتجعلها حاضرة لا تغيب، وهي على العموم ادوات مانعة لتطبيع المواطنة بلا ذكر للهوية الطائفية ، منها على سبيل المثال أداء الوقفين السني والشيعي خارج نطاق عملهما المباشر.
ويبدو أن الديوانين نسيا من إسمهما كلمة (أوقاف) وصارا يتذكران فقط لفظ الدلالة على طائفة كل منهما.
الأوقاف مهمتها الأولى هي إدارة الاموال التي توقف خدمة للمساجد والأضرحة والمشاهد الدينية.
اما أن يطلع علينا الديوانان بالقول أنهما "إتفقا على وثيقة لتحريم دماء المسلمين" فهذا عجب إستثماري بامتياز.
هل كانت الدماء تنتظر منكما وثيقة كي يثبت إنها حرام؟ وهل للوقفين السلطة الدينية المعترف بها لتوقيع وثيقة، نفترض انها تضم فتاوى من مرجعيات عراقية ؟
سبق للوقفين أن شاركا قبل اربع سنوات بما عرف بوثيقة مكة .. وقد حضر من الطرف (الآخر) عدد من مشايخ الإرهاب والتكفير، وكانت مناسبة مهمة لتبويس اللحى وصرف بضعة مليارات من الدنانير .
لكن اين النتيجة برأيكم ؟
لم يرعوي أحد ولم يقصر أحد لسانه عن العداء الطائفي ولم يعلن الوقفان منذ ذلك الحين أي نوع من انواع المتابعة للوثيقة.
ان دماء العراقين حرام من قبل ان يتشكل وقفاكما .
أما إذا كنتما توجهان خطابكما الى "جمهور" المحاصصة الذي لا يزال يخاف فكرة الآخر يحاول إلغاءه، فإنكما بذلك ترتكبان خطأ جسيماً ، لأن جمهوركم هذا لن يميز إلا وفقاً لميله الى هذه المليشيا أو تلك، من التي تدعي تمثيل الطائفة زوراً وبهتاناً.
يا سادة الوقفين ، إياكم والإنزلاق الى إدعاء تمثيل الطائفة لأنها اكبر منكما. وان كنتما تصران على تسويق أخبار (المحبة) و(الألفة) المفترضة بين الطائفتين، فعليكما ان تجيبا عن السؤال التالي، وانتم لديكم آلاف الموظفين:
كم عدد الموظفين من الطائفة السنية الكريمة العاملين في الوقف الشيعي ؟وكم عدد الموظفين من الطائفة الشيعية الفاضلة في الوقف السني؟.
ولأن الاجابة ستفضح التكوين الإنطلاقي لنشأة هاتين المؤسستين، فنحن نفضل ان تكونا بطائفيتكما المنصصة بالقوانين خارج لعبة التراحم الوطني .