المنبرالحر

سعر الدم العراقي !/ طه رشيد

ما زال الدم العراقي يسيل دون اكتراث جدي من القوى السياسية المؤتلفة في الحكومة، وها نحن نتابع خلافاتهم تحت قبة البرلمان وخارجه ، والتي ادت الى تأجيل التصديق على العديد من القوانين التي تمس بشكل مباشر حياة الناس. اما المحيط الاقليمي والدولي، فلم يرتفع منه صوت حقيقي لحقن هذا الدم. ورغم انطلاق عمليات عسكرية تحاول ان تصطاد المتورطين بالدم العراقي، ورغم السيطرات الامنية (!) التي تخنق المدينة والمواطن على حد سواء، الا ان التفجيرات لم تتوقف، ليس فقط في المحافظات بل في العاصمة بغداد ايضاً. عشرات الشهداء يتساقطون جراء العمليات الارهابية الجبانة التي لا تستثير سوى التنديد تلو التنديد، علماً ان بعض القوى السياسية لا تكلف نفسها حتى اعلان التنديد ولا تكترث لتساقط هذا العدد الكبير من الشهداء.
قبل سنتين قتل شرطي فرنسي في احد الضواحي الباريسية. وكان هذا الشرطي خارج عمله الرسمي ، وهو ما رجح ان يكون مقتله لخلاف شخصي، لكن هذا لم يمنع وزير الداخلية الفرنسي من ان يوقظه تلفون في الساعة الواحدة ليلاً ليكون بعد اقل من ساعة في مكان الجريمة، ويساهم بجمع الحقائق بنفسه.
وقبل ايام حدث انفجار سيارة مفخخة في منطقة «الرويس « في الضاحية الجنوبية لبيروت التي يسيطر عليها حزب الله، فتوجه في نفس يوم الانفجار واليوم الذي تلاه، عدد كبير من المسؤولين اللبنانيين الى موقع الجريمة واعلنوا من هناك تضامنهم مع ضحايا الانفجار. وكان بينهم نائب رئيس حزب الكتائب الذي صرح قائلا : ان ما حدث كارثة وطنية وعلينا جميعاً ان نساهم بالبحث عن المتورطين ورفض كل اشكال الارهاب في لبنان.
وفي خارج لبنان اعلن مجلس الامن ادانته لتفجير « الرويس»، وفرنسا بدورها ادانت ، كذلك فعلت بريطانيا، وحتى « هونولولو» بعثت بادانتها للتفجير !
اما في عراقنا الغارق بالمفخخات، فلم أسمع أن مسؤولاً واحدا انتقل الى « الشعب» او « الحسينية» او « الامين « او « الكرادة «التي تقع على مرمى حجر من «المنطقة الخضراء»، للوقوف على آثار الانفجار. ولكن غالبا ما تبادر الحكومة في اليوم الثاني إلى الاعلان عن تعويضات مالية لذوي الشهداء ، وهو اقل ما يمكن فعله ازاء الضحايا الابرياء ، الذين يتركون خلفهم ،عادة،عوائلا منكوبة واطفالا يتامى ونساء ثكلى. فيما يبقى السؤال الملح: هل يمكن ان يعوض الانسان بالمال، أم الاولى حمايته ؟