المنبرالحر

نصائح وآراء ليست في محلها! / مرتضى عبد الحميد

في الحراك الجماهيري، الذي هو أمل الشعب في إحداث انعطافة نوعية في العملية السياسية العرجاء، ثمة العديد من الآراء والملاحظات والنصائح. بعضها يقال بحرص ورغبة في تحسين الاداء، وتطوير فعاليات الحراك الجماهيري وتنويعها، بما يفضي الى تحقيق انجازات ملموسة، عبر إجبار السلطات المعنية على تلبية مصالح وحقوق الجماهير الواسعة المكتوية بنار الارهاب والفساد والمحاصصة الطائفية - القومية، سبب كل المشاكل والويلات التي يعانيها شعبنا. وبعضها الآخر ينطلق من تخوم البساطة والسطحية في التفكير، وبالتالي عدم القدرة على الامساك بتلابيب اللحظة الثورية وشحنها بما يزيدها ألقاً ووهجاً.
وهنا لا نناقش اصحاب الاجندات الهادفة الى إضعاف الحراك الجماهيري، وصولا الى إنهائه والخلاص من نتائجه غير المريحة لهؤلاء وتابعيهم.
من بين هذه الآراء من ينصح بتأجيل الاحتجاجات الجماهيرية والكف عن التظاهر، سواء في ساحة التحرير، رمز النهوض الوطني، او في بقية ساحات ومدن العراق الاخرى، بهدف اعطاء وقت كافٍ او توفير فرصة مناسبة لاصحاب الشأن ليكون بمقدورهم تطبيق حزم الاصلاحات التي وعدوا بها، من دون ان تجد طريقها الى التنفيذ بوجود هذا الحراك، وازدياد اعداد المشاركين فيه، فكيف اذا توقفت حركة الاحتجاج تحت هذه الذريعة المبنية في الاساس على حسن نية تكاد تقترب من السذاجة السياسية؟ او نتيجة شعور بالتعب والاجهاد وما يخالطهما من إحباط وربما يقود بمرور الوقت الى اليأس والشعور باللا جدوى.
وكما يقال الشيء بالشيء يذكر، فقد عادت بي الذاكرة الى جلسة مسائية اقيمت قبل بضع سنوات، على شرف احد الاصدقاء القادمين من المهجر، ومن الاصول الاجتماعية في مثل هذه الأماسي واللقاءات ان يفسح المجال للضيف اكثر من غيره في الحديث والإدلاء بآرائه وتصوراته مهما كانت خرقاء، فما كان منه (لا فض فوه) وبعد البيك الثاني تحديداً إلا ان يخاطبني بأن لديه نصيحة للحزب، راجياً قبولها وعدم الزعل منها. رحبت بها، وقلت تفضل هات ما عندك. قال: (نصيحتي للحزب الشيوعي هي ان ينسحب من الحياة السياسية لمدة خمسين عاماً، ثم يظهر بعد ان يتغير المجتمع العراقي ويعود الى سابق عهده). وعندما شاهد طيور الدهشة وهي تتقافز من اعيننا، برز ذلك بأن الشيوعيين وبما يمتلكون من اخلاق عالية، وثقافة رصينة وضمائر حية، لا يستطيعون العمل في مثل هذا المجتمع، ومع هذه القوى السياسية، التي امتهنت الكذب والتزوير واللصوصية، وشوهت كل شيء.
اجبته شاكراً:» (هل هي عودة الى قصة اصحاب الكهف) ونحن في القرن الحادي والعشرين؟ الشعب يحتاجنا الآن اكثر من اي وقت آخر. كما اننا لسنا من هواة النضال الموسمي، ويشهد على ذلك السِفر النضالي المجيد لحزب الشيوعيين العراقيين».
لو بقي هذا الصديق على قيد الحياة حتى الآن، ورأى بأُم عينه هذا الحراك الجماهيري المتعاظم يوماً بعد آخر، لأعاد النظر حتماً بنصيحته او نظريته عن أصحاب الكهف!