المنبرالحر

طفر الموانع! / قيس قاسم العجرش

الإصلاح لا يشبه هذه الرياضة. وحين نقول اصطلاحاً:» لاعبون سياسيون» فلأنه مصطلح صحفي درج عليه. وبالتأكيد لا نستهدف وصف قابلياتهم في طفر الموانع.
لكن كثيراً منهم تصوّر أن قابلياته الرياضية هي الأساس، فراح يطفر الموانع الواحد تلو الآخر.
ويخلف وراءه فوضى لا شبيه لها إلا ما صنع الفيل في مخزن الخزف. اللف والدوران لم يعد ينفع. على الطبقة السياسية أن تتخلى عن لغة الاعلام وتلجأ الى الصراحة. الصراحة بمعنى أن التفاوض والجدل على المناصب يستبطنان بالأصل صراعاً على الإستئثار بموارد الدولة. يعني ان هذه القوى السياسية لا ترى في العراق أية امكانية لتطوير موارد «شرعية» تمول بها أحزابها سوى التطفل على موارد الدولة، وإلا بماذا نفسر هذا الصراع الشرس على المناصب؟. مع العلم ان هذه القوى ورموزها لم تتحدث وان تحدثوا بخطط ومناهج تفصيلية للنهوض من النكسة الاقتصادية الحالية، كما كانوا على الأقل سيعللون قتالهم الشرس على المناصب بالرغبة في تنفيذ برامج انقاذ.
لكن الحقيقة شيء آخر، فلا برامج ولا خطط ولا مناهج ولا مشاريع لبناء مؤسسات الدولة. جل ما يملكونه هو «مشروع تقاسم « اتضحت معالمه منذ ان أسسوا جذوراً للمحاصصة.
نظام المحاصصة واسماؤه المتعددة هو العلة التي يبحث عنها مبضع جرّاح الإصلاح، إن رغب فعلاً بالإصلاح. لا حل يبدأ الا ان تترك القوى السياسية الحراك باسم الطوائف والمكونات. وبغيره، سيدفعون بالبلد الى هاوية حقيقية او اننا قد سقطنا فعلاً فيها.
وعلى هذا الطريق، تستمر قرائن هذا الفساد بالظهور الواحدة تلو الأخرى، وليست فضيحة
«أونا أويل» الأخيرة في رشوة مسؤولين بارزين إلا محطة صغيرة تجيب عن السؤال الكبير، أين ذهبت ثروة العراق؟.
منذ عام 2003، خرجت من العراق قوّة رأسمالية تتجاوز 100 مليار دولار، في هجرة للأموال والثروة مازال العراق يخسر الكثير بسببها، ومع هذا فهناك من الشراهة السياسية ما يكفي كي تجهز على ما تبقى في البنك المركزي من عملة صعبة.
تراجعت المداخيل وارتفع خط الفقر ليشمل 27 في المئة من السكان، وقضم التضخم ما يقرب من 7 في المئة من قيمة العُملة العراقية. والسبب لا يجتاز مفهوم التفكيك الذي تتبعه هذه القوى السياسية لصالحها حصراً.
الاصلاح يجب ألا يطفر على هذه الحقائق( الموانع) التي تثبط اي جهد حقيقي اصلاحي. وبالتالي عليه التعامل مع الأسباب بمسمياتها وألا يغالط في تحديد هويتها. لا اسم آخر للفساد غير الفساد. ولا اسم آخر للطائفية والمحاصصة الا هذا، فكفانا من استعراض طفر الموانع الهزيل هذا.