المنبرالحر

ملكة المنحنيات» تحية لك وانحناءة / ميس وليد

في غربتي.. كان الجو مشمسا على غير العادة ،في ذاك اليوم قضيت النهار خارجا مستمتعة بكل شعاع.
وحين عدت إلى المنزل وجدت ملامح امي حزينة مصفرة. حاولتْ جاهدة الابتسام في وجهي وحاولتُ جاهدة ان اعرف ما بها. لكن لا بد للحزن ان يبكي..
فقالت: «الشمس اليوم أغلقت جفنيها على احدهم!».
سألتها بخوف: «من رحل؟».
قالت بصوت أليم: «..... انها زها حديد».
كنت ما زلت واقفة حينها.. وبقيت مسمرة في مكاني.. شعرت بالوجع وبخسارة اوجع والدمعة استوقفت اطراف عيني..
لم افكر في شيء سوى...، كم من الغباء رحيلها؟ وكم من الاغبى بقاء الكثيرين في هذه الحياة لا نفع فيهم سوى في الخراب!
هذه الانسانة تعتبر من مصادر الفخر للعراق وللعراقيين، وللعالم اجمع..
هذه الانسانة مصدر فخر لكل انثى على وجه الأرض. استحقت ان تدخل التاريخ بفخر وبلا منازع.. كإنسانة.. كامرأة.. كمهندسة..
لم تكن معمارية والسلام.. كانت بجدارة تحمل اللقب حتى النخاع.
لم تحدد نفسها في اطار واحد.. كانت مبدعة في تصميم الاثاث وتصميم الاحذية ايضا.. لم يستفد منها العراق في ظل الفساد والرذيلة والغباء. ورغم انتظارها، لم يدعها او يطلبها اي من المتنفذين، كي تعمّر وتبني.. آه عذراً فقد كان مشغولا حقاً بنهب الوطن وهدمهِ.
رحلت ككثير من العقول التي طمرت او قتلت او هاجرت او أجبرت على الرحيل دون استثمارها في ارض الوطن.. تركت خلفها ارثا لا يمكن الاستهانة به ابدا.. ارثا مخيفا بجماليته وروعته وانحناءاته.. ارثا يشرّفنا كلنا ولسنين طويلة قادمة.
رحلت وانت تحملين لقب «ملكة المنحنيات» خاص بك دون غيرك.
رحيلك موجع ومؤلم على قلبي .. وخسارة لا حد لها للعالم اجمع..
شكرا لك ولكل ما تركت خلفك..
شكرا لسجلك الطويل والمشرّف والممتلئ بالإبداعات المعمارية..
شكرا لأنك صورة للإصرار والابداع والقوة.. عسى ان تكون مرآة للكثير منا
زها حديد ...، فلترقد روحك بسلام في منحنيات الراحة الابدية..