المنبرالحر

15 نيسان.. يوم الفلاح العراقي / عاصي دالي

أسهم تغلغل علاقات الإنتاج الرأسمالي في العراق بداية القرن العشرين في تقويض العلاقات العشائرية الأبوية القائمة على الاقتصاد الطبيعي والاستثمار المشاعي للأرض ، ونشأت علاقات شبه إقطاعية وتنامي وزنها في الإنتاج الزراعي، وأدت إلى تحول أبناء العشائر من مشاركين فعليين وفق العرف في ديرة العشيرة إلى مجرد إجراء عند زعيم العشيرة وصاحب الأرض، مع ذلك لم تختف القيم العشائرية التي جرى توظيفها لخدمة العلاقات الاقتصادية الجديدة.
وبعد الاحتلال البريطاني للعراق، أصبح الفلاحين وجها لوجه أمام ملاكي الأرض من النبلاء وكبار موظفي الدولة الذين سيطروا على قسم كبير من الأراضي الزراعية واستخدموا نفوذهم لإذلال الفلاحين واستغلال عوزهم المالي لاستعبادهم.
وفي ثلاثينات القرن الماضي أصدرت السلطات الملكية ، وبتوجيه من المحتل ولغرض السيطرة على الفلاح، قانون التسوية الذي ساعد شيوخ العشائر ، وكبار رؤوس النظام ، على امتلاك الأرض وحرمت أغلبية الفلاحين من تملك قطعة ارض زراعيه .
وقد شارك الفلاحون أبناء شعبهم في النضال الدؤوب ، من أجل الخلاص من الاستغلال والاستعباد ، والتحرر من الاحتلال في عدة انتفاضات ومنها انتفاضة الازيرج عام 1958 ، والانتفاضة ألفلاحيه في البصرة عام 1952 ، وانتفاضة ألفلاحين في اربيل عام 1953 ، وكذلك انتفاضة فلاحي الشامية في محافظة الديوانية عام 1955 ، وجميعها مهدت لقيام ثورة 14تموز1958 المجيدة ، التي استبشر بها أبناء الشعب العراقي ، لتحررهم من نير الاستعمار ، وبدء عهد جديد حصل فيه الفلاح على قانون الإصلاح الزراعي رقم 30لسنة 1958 ، والذي رفع شعار الأرض لمن يزرعها
وكانت الضربة الأولى للعلاقات الانتاجية شبه الاقطاعية ، والاستغلال المتنفذ من قبل الشيوخ والأغوات ، وكبار ملاكي الأرض في15نيسان عام 1959 ، والذي اعتبر يوما للفلاح العراقي وذلك عند عقد أول مؤتمر للجمعيات ألفلاحيه العراقية ، وبحضور الزعيم عبد الكريم قاسم، وتم انتخاب الشخصية العراقية المناضلة كاظم فرهود الياسري لرئاسة الاتحاد ورغم قصر فترة ترأسه للاتحاد كان الأمين والمدافع عن مصالح الفلاحين ، إلا إن التراجع في سياسة ألدوله أدى إلى التجاوز على قانون الإصلاح الزراعي ، من كبار الملاكين وبواسطة أجهزة ألزراعه والإصلاح الزراعي ، والتي كانت لديها مصالح مرتبطة بالإقطاع فقاد ذلك الى الالتفاف عليه ، وإفراغه من محتواه. وقد ساهمت السلطة الدكتاتورية طيلة ثمانينات القرن الماضي وبسبب حروبها العبثية ، على هدم الريف وتخريب العلاقات الاجتماعية والاقتصادية فيه ، وتصفية المزارع التعاونية ونهب ممتلكاتها وتقسيمها لصالح رموز النظام، وأوقفت وسائل الدعم الحقوقي للفلاحين وتسهيلات الحراثة والبذور، وتطهير مشاريع الري وألغيت المستوصفات البيطرية ، وفرق المكافحة البيطرية السيارة ، وتمت تصفية العديد من المضخات ، وتحويلها إلى من يستطيع استئجارها ، وتدهور الإنتاج الزراعي بسبب تحويل القوة العاملة الزراعية إلى جبهات الحرب .
واليوم يمـر بلدنا بأزمـة اقتصادية حادة ، نتيجة للسياسات المتبعة، التي تبنتها الحكومات المتعاقبة على السلطة ، منذ التغير في نيسان 2003 وهي الاعتماد على اقتصاد ريعي أحادي الجانب ، واهمال القطاع الزراعي. وكان الفلاح العراقي هو أول ممن دفع فاتورة تراجع هذا القطاع.
فعلى الحكومة العراقية مسؤولية إعادة التوازن للاقتصاد العراقي ، و من أولويات هذا التوازن هو الاهتمام بالقطاع الزراعي وتطويره وحمايته.
تحية لهذه الشريحة في عيدها .. يوم الفلاح العراقي.
والمجد والخلود لشهدائها الابرار.