المنبرالحر

يا لكم من رائعين / جواد وادي

اليوم أتممنا ما تبقى من نزع جلودنا التي كم أتعبتنا واعيانا حملها، وما تركته من رزايا وضيم وقهر ما برح يتصاعد يوما بعد آخر، لكنكم أيها الأحرار والرائعون، شرعتم بتعبيد الدرب الذي ملأه المتربصون والخائبون بغبار الخيبات وحجر العثرات وهم يديرون مروقا ظهورهم لكم، يا من وضعتم آمالكم أمانة بأيديهم، وعلى أعناقهم، وما كنتم تعلمون بأن هذه الفئة الضالة كانت تناصبكم العداء، وكأن ثأرا بينكم وبينهم، كانوا يحيلون بينكم وبين نور قادم من بعد هدم جدران الظلم وتهشيم الحواجز التي كانت تحول بينكم وبين شعاع الأمل القادم والانعتاق من جور الطغيان، دون أن يعلموا أن الضيم مهما طال له مديات، والظلم لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية، فورث المخبولون الجدد، رداءة من سبقوهم من تعمية وتعويم لتغطية الحقيقة بغربال التخلف، وحدث ما حدث، ألا أن من جاء بعد زوال صيغ الفتك التي كانت تعشعش تحت جلودكم وفي أسرة نومكم، وكانت ذات حالات المحو وتغييب الآخر تلاحقهم وهم خارج دائرة الذراع المسببة للموت والقتل المجاني، بعد أن افلتوا من النيل بهم، لكن قلوبهم ما أن اقتربوا من متع الحياة الزائلة، أعمتها المناصب والامتيازات التي حالت دون قراءة عقلانية لما حدث ويحدث قبلهم وبعدهم، وما ينبغي أن تكون عليه قيادة البلد المنكوب والناس المنهكين، وكيف لهم أن يعملوا على بقاء يقظة الضمائر قائمة، وباتجاه إزالة مخلفات ما خربه المعتوهون، وما تركوا وراءهم من دمار لم يترك شبرا واحدا من أرض العراق، إلا وهو يستنجد بهم، أغيثوني أنا وطنكم الجريح، وها هم أبناء جلدتكم ممن استبشر بكم وبقدومكم خيرا وقدموا الغالي والنفيس من أجل تمكنكم أن تستقر عجائزكم على كراسي السلطة، دونما محاذير أو خوف من القادم من الأهوال، إذا ما انحرفت بوصلتكم، لأن المسحوقين هم من تحولوا إلى مصدات تقيكم من زحف الطوفان الذي كان يتربص بكم، لكنكم كنتم من هشاشة الانتماء الوطني، إزاء الأموال التي انهالت عليكم تجاوزا وتلاعبا بخيرات الفقراء، والقصور التي لم تكونوا تحلمون حتى بالاقتراب منها، والمناصب التي وزعتموها على كل من يدور في فلككم، دونما وازع أخلاقي أو ديني أو وطني أو إعمال الضمير الذي كان ينبغي أن يكون بوصلة كل الشرفاء ممن يغلبّون مصلحة الناس على نوازعهم الشخصية، ولهذا ائتمنوكم المسحوقون والأنقياء وذوو السرائر البيضاء، وما كانوا يعلمون بأن دواخلكم أنتم لم تكن نقية، وما توافقت وما كنتم تدافعون، وتعلنون، وتتبجحون، بأنكم من يحفظ العهد، عهد الحسين وعلي والأئمة الأطهار، حتى بنتم على حقيقتكم وبأنت زلاتكم ومثالبكم التي فاقت كل تصور، ولم يكن لدى الناس أدنى شك بأنكم بهذا القدر من خيانة الأمانة، لكل شيء، للوطن، والناس، وقبل هذا وذاك للمذهب الذي كنتم تتبجحون بأنكم المدافعون عنه والحماة له، وبالتالي استغفلتم الجميع، الأقرب والأبعد منكم، استغفلتم حتى أنفسكم بعد أن أعمتكم الامتيازات والحظوة والسحت الحرام، وبقيتم وبتبجح غريب، تعيشون ذات الازدواجية التي راح الطفل الرضيع يستلقي على ظهره بكركرات صاخبة ما أن يسمعكم وما تعلنون من تمسككم بالقيم والمبادئ والوطنية وغيرها من الشعارات التي كانت فقط للاستهلاك، والبسطاء يعلقون يوما إثر يوم، آمالا وأماني ويبنون أهرامات من الأوهام، ولا من وازع أخلاقي دعاكم للالتفات لمن منحكم صوته، وغامر بحياته، وهو يراهن عليكم، وعلى المستقبل الزاهر والآمال الوردية التي كنتم تنسجونها رياء، ولم يكن يشك ولو للحظة، بأنكم يا من تنتمون لأحزاب دينية أسسها شهداء، وقامت على جثث ضحايا لا حصر لها، وكان معظمهم وقودا لمحارق البعث إبان الانتفاضة الشعبانية المباركة، وخيرة الشباب الذين ذهبت أعمارهم سدى في مقاصل البعث المجرم، وغيرها من التضحيات الجسام التي وبكل بساطة أتيتم بعد زوال الغمة، لتتنكروا لها لصفحات الشهادة التي استثمرتموها لنوازعكم المريضة وتهافتكم على متع الحياة الخادعة والزائفة، فأشعتم الفساد وتركتم الحبل على الغارب للاستحواذ على السلطة والسحت الحرام لكل من يدور في فلككم ويصفق نفاقا لكم، وحولتم الوطن إلى مداشر، وضيعات، وامتيازات، وتسابقتم مع الزمن لنيل ما يمكن الاستحواذ عليه قبل فوات الأوان، وكأنكم كنتم منذورين لمسلسل الخراب هذا، تاركين العراق يتخبط في كوارثه، وأوجاع ناسه، فلا إعمار، ولا بناء، ولا خدمات حتى البسيطة منها، ولا استثمار لثروة العراق الطائلة والتي من شأنها أن تعيد بناء قارة برمتها، لكن كلٌ منكم تفرغ لمصالحه وما يمكنه من جمع المال، وذهبت أموال العراق و فقرائه هدرا، وأشعتم الفساد والسرقات، وأحللتم الرشى، والاستحواذ على المال العام، وتركتم العراق والعراقيين يتخبطون في ذات مستنقع الحاجة والفاقة والخراب، وانتم لائذون في قصوركم التي استحوذتم عليها ظلما وبهتانا، صادرتم العراق برمته، أرضا، وناسا، وثروات، وتركتموه لمستقبل غامض، ولم تتركوا غير الأنين اليومي الذي نسمعه ونحن على بعد آلاف الأميال من مستضعفي العراق وكل المحرومين، حتى أولئك الذين يعيشون خارج الوطن، ناهيكم عن فلول الإرهاب التي حولت العراق إلى ملاعب لها، تصول وتجول، وتشيع الدمار، بسبب فسادكم وعدم احساسكم بالمسؤولية، وحالات التسيب التي طالت كل مفاصل الوضع العراقي، وتلك مسؤولية كبرى، ستحاسبون عليها، وليس من السهولة الإفلات منها، فهل من المعقول أنكم لا تعرفون أو تتجاهلون أو تديرون ظهوركم لكل صيغ الخراب الذي سببتموه؟
اعلموا أيها الفاسدون أن العراقيين شعب حي ولا يرضى بالهوان، مهما طال أمد الظلم والفساد والطغيان، وسترون بأنفسكم ذلك العقاب الذي سيطال كل المجرمين.
بوركت كل الأصوات الشريفة، وبورك الوطنيون الأحرار الذين بحراكهم اليوم يعيدون الأمل من جديد، ويوجهون صفعة لكل اللصوص والمخربين وناهبي خيرات العراق الذين ما استفاقوا ولا أذعنوا ولا انتبهوا للطوفان القادم وهو يزحف نحوهم.
ومما يثير الدهشة حقا، هل من المعقول أن الامتيازات والسلطة والمال الحرام، لها كل هذه السطوة المخيفة كي تعمي القلوب والأفئدة؟؟
قلوبنا معكم أيها الأحرار، والعراق ينخيكم ويستصرخ مروءتكم ووطنيتكم الحقة، لإخراجه من هذا النفق المظلم الذي حشره فيه لصوص القرن الحادي والعشرين بامتياز وما سبقهم اليه أحد.
إنها الفرصة التي لعلها لن تتكرر، وأنتم قد أمسكتم برأس الخيط الذي سيوصلكم إلى نهاية المطاف، ويقينا ستخلّدون بمواقفكم الكبيرة وأنتم تنقذون العراق والعراقيين والتاريخ العراقي برمته من براثن الفساد، وتحيون الشيمة العراقية التي سعى الفاسدون لطمسها وتغييبها.
بانتظار أن نرى هذه الفلول الرثة وقد أودعت في قفص المحاسبة والمحاكمات العادلة.
لكم منا تعظيم سلام يا أحرار العراق ومنقذيه من مافيات الخراب واللصوصية والمحاصصة المقيتة.
بكم وبسواعدكم الخيرة سيبزغ الفجر الحقيقي للعراق العظيم، خيمتنا وملاذنا الذي تنكّر له الجاحدون والمارقون.
قلوبنا معكم
وفق الله خطاكم ومساعيكم المباركة
أيها البرلمانيون الأحرار ومن ورائكم كل الشعب العراقي الجريح