المنبرالحر

المحاصصة، تلك هي المسألة! / مزهر بن مدلول

عندما تفرغ من قراءة اخبار بلاد الرافدين، تشعر وكأنك خرجت للتو من فلم مرعب من افلام (جيمس وان)، يفقدك القدرة على التمييز ويرميك في حفرة، وربما يدفعك الى تناول بعض العقاقير لتخفيف حدة الدوخة والصداع!.
مسكين يا هذا البلد!، كأن كُتب له ان يعيش تحت رحمة شريعة الغاب، وكأنّ ابناءه قُدّر لهم ان يتأخروا كثيرا عن الدخول مع البشر الى القرن الحادي والعشرين!؟، فهل هذا هو فعلا زمن الكذب والنصب والتزوير، ام اننا حقا في زمن القوانين والدساتير ولوائح حقوق الانسان كما اوهمونا!؟.
هكذا بكل سهولة، اصبح الموت علامة فارقة في ارض السلام، وامسى الفساد وشما في جبهة عدالتها!، بينما ينبري رجالات القصر، ليقولوا لنا انهم سابقون لعصرهم!، يتقافزون على شاشات التلفزيون كالسعادين التي تتقن الرقص في سيرك مفتوح!، من اجل ان يبرهنوا بانّهم قادرون على قيادة القافلة، رغم التجربة اظهرت انهم ادلاء عميان!.
وكلما قلنّا بتقية متسامحة، انهم سيخجلون، وانّ ضميرهم النائم سيستيقظ في يوم من الايام، لكنّ السياسيين في بلادنا يزدادون غوصا في المستنقعات وتوغلا في المزابل، فلا نكاد ننسى مصيبة حتى ندخل في اخرى اكثر فضاعة واشدّ كارثية ولا يبدو انّ للقصة نهاية!.
لا فائدة من تذكيركم، بأنّكم لوثتم ما تبقى من نقاء، واطلقتم الرصاصات مباشرة على كل ما هو جميل في حياتنا، حتى صار الوطن في زمنكم مرّ المذاق، وسياستكم تحولت الى فكاهة مليئة بالحزن، ومقرات احزابكم لا تدخلها الشمس ابدا، لانكم ببساطة فقدتم الحس والذوق والضمير، ولِمَ لا!؟، ما دامت العبوات الناسفة تمر بقربكم وتنفجر في بيوت غيركم، وما دام السحت الحرام والامتيازات والرواتب السمينة تملأ جيوبكم حتى صار الفرق بينكم وبين ابناء الشعب كالفرق بين منطقتكم الخضراء واحياء مدينة الثورة!.
لكنّ (الزمن دوّار)، وما اجمل ان يدور الزمن!، وتصبح الكلمة فيه للذين يسكنون في جيوب المدن الفقيرة، لأولئك الذين تاجرتم ببراءة اطفالهم وسرقتم احلام ابنائهم وحولتم كدّهم وعرقهم الى فيلات وعمارات وارصدة معتبرة في البنوك الاجنبية!،
لم يعد هناك وقت كثير لتكسبوا الرهان مرة اخرى، ولا تعنينا صراعاتكم ولا انقساماتكم ولا استعراض عضلات بعضكم على بعض، ولن نرض ترقيتا بأثواب بالية، ولا اكباش فداء سهلة الصيد، واعلموا ان العلاج الوحيد لامراضنا هو رحيلكم ورحيل نظامكم المحاصصاتي الى الابد، وتلك هي المسألة!.