المنبرالحر

لماذا تخلفنا وتقدموا ؟!!القسم الثالث / د. ناجي نهر

فى القسم الاول من هذا المقال وثقنا السبب الاساس فى تقدم المجتمعات الغربية، بسبب وحيد واوحد هو فصلهم (ثقافة الدنيا عن ثقافة الآخرة).. و فى القسم الثاني من هذا المقال انحصرت اسباب التخلف بسببين اساسيين لا ثالث لهما [الجمود الفكري ، والتبعية للاجنبي] ،اما هذا القسم الثالث فسيحيط باساب كثيرة لتخلفنا متفرعة من السببين الاساسيين منها: 1- تحول الحكام فى مجتمعات العالم الثالث مع الزمن الى رموز دكتاتورية طاغية ، ونخب فاسدة ومتعجرفة إلى أقصى الحدود ، وعلى وفق ما يجري من تحول سلبي فى اخلاقيات الاسياد الذين مكنوهم من حكم شعوبهم بهذه الاساليب اللانسانية ،وجعلوهم يتصرفون بصلف وفوقية واستعلاء وغرور وكذب ،ومعتبرين أن من حقهم أن يكونوا فوق أي مساءلة أو محاسبة أو نقد مهما كان نوعه أو كانت ماهيته و من حقهم ان يعيثوا فى مجتمعات اوطانهم قتلا ونهبا لاحدود لهما ، ولذلك لن اتوقع فائدة ما ترتجى من نصحهم وارشادهم ،اومن كثرة اجتماعاتهم وزياراتهم المشكوك اصلا فى صحتها ومصداقيتها ،وسوف لن يتغير الحال الا بثورة شعبية وشبابية عارمة. 2 - وكما يبدوا للمتتبع ان الرموز المساهمة فى المحاصصة الحكومية تعمل وفق خطط مبرمجة سلفا ،فهي تختلط في المساء مع بعضها لتنسيق الاعمال ،والسياسات المطلوبة ،لابقاء الحال اكثر سؤا عما كان عليه بالامس ، ثم لبيان مقدرتها السلبية على هز المجمّع او تخريب ثقافته وسجاياه النضالية بألكامل ،والتباهي الأجوف والتفاخر المظهري بالوطنية والانجازات الكاذبة امام الناس. 3- غير ان هذه الرموز قد فاتها استيعاب سمة العصر، ومتغيراته الجوهرية فى استحالة العودة نحو ثقافة السلف، وانشاء سلالات حاكمة في بلدانها ،بسبب طغيان ظاهرة تداول السلطة ديمقراطياً وانتخابياً وليس وراثيا. 4- نجاح تجربة ميادين التحرير وصناديق الاقتراع واضمحلال ثقافة السلف التقليدية على شاكلة القائد الضرورة أو الزعيم الاوحد والعمامة الخضراء والبيضاء والخنصر المشذر والجباه المكوية بالسكاير المهربة ،والتفاخر فى السمو المذهبي والطائفي. فقد وعت الشعوب سر تخلفها ،وهبت لكنس الوسيخ فى ثقافتها المتخلفة ،بحراك جموع الميدان الموحدة الواسعة وقوة تصميمها وإشعاعها وأثرها في مجمل مكونات المجتمع وتاثيرها الاشد في محيطها الجماهيري الأوسع وعالمها الأكبر، المبتعدعن التعلق بشخصية قيادية واحدة ، تروج لها الطائفة المذهبية المعينة ،كما جرت العادة العربية والشرق اوسطية عموما. و بذلك تكون هذه الشعوب قد كسرت تقاليد تقديس الزعيم الأوحد والقائد الملهم والحزب الواحد والرأي الواحد والتنظيم الواحد وما إليه من تراهات اعتاد عليها العرب بخاصة. 5- فمن خلال تجارب الشعوب الفاشلة ،تم التعبير عن تصحيح اسباب الفاشل بثقافة جديدة وصيحة شعبية مدوية لثورات الربيع العربي الجماهيرية المنظمة تحت شعار : "لاتمديد، لا تجديد، لا توريث". وبالتاكيد ستنجح ثورات الربيع العربي برغم التضحيات الجسيمة والتداعيات المأساوية ،حيث لا نظرة للثوار نحو الخلف المتعفن ،فأفكار العلم المجربة واشكال الحكم العلماني والديمقراطي الحديثة هي السور الرصين للوقاية والتطور نحو الافضل ،وهي العلاج الواقي من الفقر والأمية والتخلف الاقتصادي والسيطرة الاستعمارية ،فكل الأمراض قابلة للمعالجة وكل المعوقات قابلة للإزالة ان توفر المناضل الصادق والنهج المبرج لاية ثورة. وبعكسه ستفشل مختلف التجارب المشابهة لنصوص للبرنامج السياسي والاجتماعي الرجعي للزعيم الأصولي الأفغانستاني (قلب الدين حكمتيار) الذى ينص على «إن الإسلام والديمقراطية لا يتوافقان أو يتماشيان مع بعضهما البعض، وستكون أفغانستان دولة إسلامية متشددة ، بحيث تقوم فئة من الرجال الحكماء بتكييف قوانين البلاد مع قوانين الإسلام التي ستحظر المشروبات الروحية كلها ، وستعود المرأة إلى البيت مجدداً ويتسلم الملالي المجاهدون السلطة»..وهذا هو بالحقيقة ذات النص الذي تتلهف نحو تطبيقه مختلف التيارات الدينية الانتهازية ووعاظها. 6 - ولهذا سيكون للنضال الإيديولوجي (الفكري) أهمية كبيرة في مختلف الحركات الثورية، اذ سيكون هو النضال ضد الإيديولوجية البرجوازية والافكار الطوباوية للانتهازية الدينية التي تستغل العالم وتسود ليس على المجتمع الرأسمالي وحسب ،بل على شعوب الارض طرا. ففي ظل النهب المشرعن المحمي بالقوانين الدولية الاحتكارية وشرعية العلم الامريكي الازرق ، ويافطة الامن القومي للعم سام ، يجري نهب ثروات فقراء افريقيا واسيا واميركا اللاتينية ،اما من كان حليفا للعم سام ،وركع وصلى مسبحا باسمه، فربما لم ينله الاستغلال بشئ حاد ،وسيبقى حيا كي يكمل وجوقته عمالته فى تبرير نهب ما تبقى من ثروات الفقراء، فهذه الثروات مكتوب لها ،ان تؤمن مستوى استهلاكي جيد للفرد الامريكي ،المتكئ على الفرمان الامريكي المذيل بتوقيع ومصادقة الانتهازية الدينية الباصمة عليه بالعشرة ،وادعائها المحرف المختوم بالامر المقدس ( بان الرب هو الذي امر بذلك ،وهو الذي اخبرها واهداها لتأييد هذا المطلب الامريكي المشروع. 7 - ولذا يجري التاكيد من الكتاب والباحثين العلمانيين على ان سر نجاح الثورة فى البلدان العربية يكمن بتجاوز المأزق الحضاري العربي وسد الفجوة المعرفية التي تفصلنا عن الدول المتقدمة. فقد اثبت العلم ان العمل وتدرج النهوض الحضاري، فى التغيير الافضل.. ليس نقرا في السطح او مجرد امنيات متخيلة، بل هو عمل في العمق المتدرج على وفق مسار حركة التغيير في انماط العمل المتجسد بالنجاح أو الفشل لتجارب انسانية لم ولن يمكن حصر تضحياتها وتداعيات مخاضاتها المؤلمة. ،فما لم تسلم ثورات الربيع العربي من دوافع السلوك الانساني المصلحي الذاتي، والاعيب الانتهازية الدينية تحديدا ،والاعيب السياسة الدولية ،التي هي جزء منه ،فسوف لن يرتجى الخير لشعوب العالم الثالث بخاصة، مهما اجتر الساسة العملاء من كلام معسول. ولذا سوف لن تجتاز هذه الشعوب فقرها وتخلفها وعذاباتها الا بثورة شعبية ،فالى الثورة .