المنبرالحر

تأسيس شركة ضمان الودائع خطوة ايجابية لتعزيز الثقة بالمصارف / عادل عبد الزهرة شبيب

أعلن البنك المركزي العراقي في السابع من حزيران 2016 عن موافقة الحكومة على مشروع نظام الودائع وتأسيس شركة لضمان الودائع المصرفية الذي قدمه البنك .
فما الذي تعنيه شركة ضمان الودائع؟, وما أهميتها في اعادة الثقة بالمصارف وتحقيق الاستقرار المصرفي ؟
وماذا تعني الوديعة المصرفية؟
الوديعة المصرفية هي عقد يسلم شخص ما بمقتضاه مبلغا من النقود الى البنك الذي يلتزم برده عند الطلب أو وفقاً للشروط المتفق عليها. وتتميز الوديعة النقدية بخاصية جوهرية هي أن البنك يكتسب ملكية النقود المودعة ويكون له الحق في التصرف فيها لحاجات نشاطه الخاص على أن يلتزم برد مبلغ مماثل الى المودع .
وحسب ما أعلنه البنك المركزي العراقي فان رأسمال شركة ضمان الودائع المصرفية سيكون (100) مليار دينار تشترك فيه المصارف الحكومية والخاصة من خلال مساهمتها بنسبة محددة من رأس المال تودع لدى الشركة لضمان دفع مبالغ المودعين في حالة عجز المصرف أو تصفيته. وسيكون البنك المركزي ملزما بحماية الودائع من خلال تشريع قانوني لضمان حقوق المودعين والمستثمرين.
اذاً الهدف من انشاء شركة ضمان الودائع المصرفية هو حماية أموال المودعين من الخسارة سواء كانوا أفراداً أم مؤسسات في حالة تصفية أي بنك مرخص من سلطة النقد.
وسيكون لهذه الشركة أهمية كبيرة في تشجيع المواطنين على الادخار في المصارف بدلا من اكتنازها خارج المصرف مما يعرضها الى بعض المخاطر. وتشير التقارير الى أن الاموال المكتنزة خارج المصارف العراقية تبلغ أكثر من (30) تريليون دينار. ويعتبر تأسيس شركة ضمان الودائع حافزاً لإعادة الثقة بالمصارف بعد اهتزازها وتعرضها الى العديد من المشاكل مع المودعين بسبب تلكؤها كما حصل مثلا بعد افلاس مصرفي البصرة والوركاء الاهليين. وهذه الخطوة التي أقبل عليها البنك المركزي , ولو أنها جاءت متأخرة ,.هي في الاتجاه الصحيح لبناء جهاز مصرفي رصين يحظى بثقة المودعين من خلال حماية حقوقهم وتشجيع المواطنين على الايداع في المصارف بدلا من بيوتهم .
نظام ضمان الودائع تأريخياً :
لم تكن ولادة هذا النظام اليوم وانما كانت مدينة نيويورك الامريكية هي أول من شهدت ظهور أول نظام لضمان الودائع عام 1829 ثم تبعتها عدة ولايات . غير أن جميع أنظمة ضمان الودائع قد انتهت في نهاية القرن التاسع عشر وذلك لعدة أسباب منها :
1. قلة رأس المال .
2. نقص السيولة .
3. رداءة المواسم الزراعية والازمات المالية المتلاحقة.
ما أدى الى افلاس العديد من المصارف في ظل عدم وجود مقرض آخر حيث أن البنك المركزي الامريكي لم يكن قد أنشئ بعد. وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت هذا النظام على مستوى الولاية , ولكن جيكوسلوفاكيا السابقة التي تم تقسيمها لاحقا الى دولتين تعتبر أول دولة أقامت نظاماً متطوراً لضمان الودائع والقروض على المستوى القومي عام 1924 .
في عام 1933 صادق الكونجرس الامريكي على قانون المصارف لمعالجة السلبيات في النظام المالي الامريكي وفشل كثير من المصارف وافلاسها في فترة الكساد الكبير , وبموجب القانون أنشئت المؤسسة الفدرالية للتأمين على الودائع عام 1934. وفي عام 1960 أنشأت تركيا صندوق تصفية المصارف, وأقامت ألمانيا ذلك عام 1974 بعد انهيار مصرف ( هيرشتات ). أما بريطانيا فأنشأت نظاما لحماية المودعين عام 1979 بعد حصول أزمات مصرفية حادة فيها . وبالنسبة لإيطاليا، أقامت نظاما لحماية الودائع في الثمانينات , لحقتها فرنسا عام 1985 عقب انهيار البنك الفرنسي السعودي .
وفيما يتعلق بالعالم العربي تعتبر لبنان أول دولة أنشأت نظاما لحماية المودعين . وأنشأت السودان مجلس حماية الودائع عام 1996. أما الاردن فأنشأ مؤسسة ضمان الودائع عام 2002.
وهذا يعني أن أنظمة ضمان الودائع المصرفية هي نظم حديثة العهد .
مهام مؤسسات ضمان الودائع المصرفية :
من وظائفها:
• حل مشاكل الفشل المالي الذي قد تتعرض له المصارف .
• تحقيق استقرار النظام المالي والمصرفي .
• العمل على حماية حقوق المودعين .
ان جهازا مصرفيا قويا ومتطورا قادرا على تحقيق اهدافه الاقتصادية والاجتماعية ,هو الجهاز القادر على كسب ثقة جمهور المودعين ويكون ذلك من خلال قدرته على حماية الودائع المصرفية .وان توفير الحماية للودائع سيحفز الايداع وبالتالي توفير السيولة النقدية لدى المصرف والتي من خلالها يستطيع ممارسة نشاطه وتحقيق أهدافه .كما أن معدلات الودائع في الجهاز المصرفي تشكل أحد البنود اللازمة لدعم الاستقرار المصرفي , فالودائع المصرفية هي ديون على المصارف واجبة التسديد وان أي خطر يهدد هذه الودائع والثقة فيها يشكل تهديدا مباشراً للنظام النقدي ,لذلك ظهرت الحاجة الى وجود نظام لضمان وحماية الودائع .
ان تأسيس البنك المركزي لشركة ضمان الودائع المصرفية خطوة ايجابية لكن مباشرته العمل تحتاج وقتاً وآليات محددة. وتبرز هناك عدة أسئلة بحاجة للتوضيح من قبل البنك المركزي :
1. هل يترتب على المودع اية رسوم تأمين أو ضمان ليستفيد من خدمة الضمان التي تقدمها شركة ضمان الودائع ؟
2. ما هو سقف تغطية كل حسا ب؟ هل تتم تغطية كل حساب المودع مثلا أم جزء منه, علماً أن هذا السقف يختلف بين مؤسسات ضمان الودائع في الدول المختلفة وحسب رأس المال المكون للشركة .
3. ماذا لوكان لشخص ما عدة حسابات في بنوك مختلفة داخل البلاد , فهل يتم تعويضه عن حساباته كلها من هذه البنوك ؟
4. وماذا لو كان لشخص ودائع في فروع مختلفة لنفس البنك؟ فهل سيعوض من قبل كل الفروع ؟ .
5. ماذا لوكان الشخص المودع غير عراقي لكنه مقيم في العراق وله حساب بنكي في أحد البنوك العاملة ؟
6. لغرض مواجهة التحديات التي قد تواجهها شركة ضمان الودائع, هل توجد في الشركة دائرة للتدقيق الداخلي تتمتع بكافة الصلاحيات للاطلاع على سير عمل الشركة ورفع التقارير الى لجنة التدقيق المنبثقة عن مجلس ادارة الشركة وتقترح الاجراءات الواجب اتخاذها في حالة وجود مخالفات لأحكام قانون الشركة والقوانين الاخرى النافذة .
7. ينبغي أن تكون آلية تعويض المودعين آلية واضحة وشفافة بعيدا عن الفساد , اذ حتما سيبرز من يحاول تقريب بعض الاسماء لتعويضهم دون اسماء أخرى مقابل بعض المال. فهل تم وضع آلية لذلك بعيداً عن الفساد ؟
8. هل الودائع الحكومية في المصارف الحكومية أو الاهلية مشمولة بهذا النظام؟
تواجه البنوك العديد من التحديات وأهمها تحقيق متطلبات الاستقرار المصرفي الذي يمثل خطوة مهمة بين الاهداف الاقتصادية والتنموية مما يدعم النمو الاقتصادي والمنافسة وزيادة الكفاءة والفاعلية المصرفية والاقتصادية, وستكون مباشرة شركة ضمان الودائع المصرفية في العمل حافزاً لإعادة الثقة بالمصارف وتحفيز المواطنين على ايداع اموالهم في المصارف والذي سينعكس على توفير السيولة النقدية لدى المصارف والتي تساعدها على العمل وتحقيق أهدافها .