المنبرالحر

الحياة تتحدى الإرهاب...والحكومة تتحدى الشعب!/ د.محمود القبطان

من شعار الفضائية العراقية الموجود دائما على الشاشة بأن الحياة تتحدى الإرهاب,ولكنهم لم يناقشوا يوما لماذا تتحدى الحكومة الشعب بعدم احترام الدستور وفي اقلها حق التعبير  الذي يكفله الدستور.

خرجت جموع الجماهير الى الشارع,ربما ليس بالملايين ولكن خرجت رغم المضايقات وغلق الشوارع والجسور.في بغداد لم تجيز الحكومة التظاهرات لهذا اليوم,وفي كثير من المحافظات الأخرى أجيزت.اعتدى على المتظاهرين في بعض المدن وفي أخرى جرت بانسيابية.لماذا؟

 اليوم كانت الجماهير في كل المحافظات على موعد للتظاهر من أجل إلغاء تقاعد الرئاسات الثلاثة والدرجات الخاصة وصولا الى مجالس المحافظات والأقضية الخ..ظهرت طبقة ثرية بشكل لم يشهد العراق لها مثيل حتى في زمن الطاغية صدام,حيث كان هو وعائلته وبعض من حاشيته "ينعمون" بثروات العراق أما الآن فنهاك النواب وحاشيتهم من المرافقين الوهميين والأقارب استولوا على الدولة بكل ثرواتها.ولا ننسى باقي السلطات .حيث "حرقوا" سوف العقار وارتفعت أسعارها بشكل جنوني’عضو محافظة يشتري شارع كامل على وجبتين,نائب يبني عدة قصور في فترة زمنية قصيرة ملفتة للنظر, المئات من الدرجات الخاصة لم تكشف عن ذممها المالية الى مفوضية النزاهة لأنها وببساطة شديدة فقدت ذمتها وضميرها .قرار منح تراخيص التظاهر كان عند محافظ بغداد وانتقلت الصلاحية الى رئيس السلطة التنفيذية.بعد انفضحت اللعبة في منع التظاهرة في بغداد صرّح وكيل وزير الداخلية عدنان ألأسدي انه وبسبب الوضع الأمني المتردي وخوفا على "أبناء الشعب" لم تعطى الإجازة للتظاهر,وفي محافظات أخرى أجيزت التظاهرات.والمفارقة حدثت في الناصرية حيث كانت التظاهرة مستوفية للشروط والموافقات,ولكن المتظاهرين تفاجاؤا بسيارات عسكرية وقوات سوات والجيش تقذف بالمياه والقنابل المُسيلة للدموع والهروات فوق رؤوس المتظاهرين.جرح البعض منهم وأغمي على البعض الآخر ولكن المتظاهرين كانوا أقوى من تلك القوات واستمروا في احتجاجاتهم وإن تلك الأفعال التي تذهب بالذاكرة الى العهد ألصدامي في قمع الاحتجاجات.إن ضرب المتظاهرين جاء من رأس السلطة التنفيذية وليس غيره, وبغض النظر عن ما قاله على الموسوي المستشار الإعلامي للمالكي بأنه يحق للمتظاهرين ان يقولوا كلمتهم والدستور كافل لذلك.أي دستور يتحدث عنه علي الموسوي وقد اغتصبوه  ليلا ونهارا من خلال تعطيل البلاد  في البناء والعمل.دستور يُفسر حسب أمزجة الساسة الذين أتوا بالمحاصصة الطائفية والقومية المقيتة.شعب 30% منه يعيش تحت خط الفقر ويعتاش على جبال النفايات,جيش من العاطلين يجلس المقاهي  والتي تحرق وتضرب بأسم الدين,فساد نخرج جسد الدولة افقيا وعموديا.ليس هناك من يحاسب فاسد وسارق لأموال الشعب بسبب الولاءات الحزبية الضيقة,لا يستوجب وزير بسبب سلطة قوة حزبه في الدولة وفي السلطة التنفيذية وقرارهم الترجيحي في البرلمان.

  لماذا لم تضرب التظاهرات في كربلاء والنجف بينما أغلقت الشوارع والجسور في بغداد لمنع وصول المتظاهرين؟لماذا مُنعت التظاهرة في نينوى؟لماذا ضرب المتظاهرون في الناصرية؟من أعطى أوامر ضرب التظاهرة؟هل أصبح الجيش أسدا ضد أبناء شعبه وخائفا أمام الإرهابيين؟قبل أقل من أسبوع 29 تفجير في بغداد (قيل 19) لتخفيف في يوم واحد ولم يستطع الجيش حماية بغداد.إذا كان الجيش حامي البلاد من اعتداءات الإرهاب وأي عداون خارجي فلماذا يُزج في ضرب التظاهرات السلمية والتي لم تطالب بأكثر من تحويل تقاعد الرئاسات الثلاث الى الشعب الفقير والذي تضم بلاده مخزون نفطي هائل يسيل لعاب الشركات الاحتكارية عليه في دول متقدمة وغنية أيضا؟

  في 25 شباط 2011 خرجت الجماهير لتطالب بإصلاح النظام وتوفير الخدمات الشبه معدمة,وتوفير العمل للعاطلين,لكنها قُمعت من قبل قوات الجيش وسوات وأشرف احد أقطاب كتلة دولة القانون على ذلك القمع والتي تناست دستورها بحق التظاهر المكفول فيه ,كما نسته اليوم نفس الكتلة.وفي 26 شباط 2011 أدان مكتب آية الله السيد علي السيستاني ضرب المتظاهرين واستخدام العنف بدل الاستجابة لمطالبهم.ومع تقادم الزمن فأن الذاكرة تحتفظ وسوف تبقى محتفظة بالمناظر المخزية لقوات سوات في ضرب المتظاهرين وقتها  لابل وسقوط أكثر من شهيد في أكثر من محافظة برصاص الجيش  في نفس الشهر والسنة.وأغلق الملف دون الإعلان عما توصلت إليه لجان التحقيق الشكلية والتي تشكلت بعد الأحداث تلك.

 المرجعيات الدينية طالبت ,كما طالب الشعب كله بإلغاء تقاعد الرئاسات الثلاثة وباقي السراق,لانهم لم يأتوا ليقدموا خدمة للشعب وإنما ليغتنوا على حسابه.ثم أنهم في الأكثرية العظمى منهم كانوا بلا وظائف تذكر ,ومع كل هذا يريدون امتيازات لم يسمع بها العالم ناهيك من إنهم لم يقدموا للشعب أية خدمات ما عدا تحقيق مصالحهم الشخصية.لم يخجل النواب والتي تعالت أصواتهم بالمطالبة  بإلغاء تقاعد الرئاسات الثلاثة حيث إنهم  لم يخرجوا اليوم مع المتظاهرين في محافظاتهم حتى.وهكذا ظهر للعيان إن الجميع من النواب من كان مع التظاهرات وأصواتهم عالية قد اختفوا في بيوتهم وليذهب ألناس الشارع إن أرادوا.

    هناك ما يلفت النظر الى إن أحدى النائبات والتي أصبحت بوقا لكتلة دولة القانون ,ربما سوف تصبح نائبة رابعة مستقبلا لرئيس الوزراء من خلال تواجدها بالقرب منه في آخر اجتماع لشيوخ العشائر,لان بلدنا أصبح أقطاعيا بامتياز,تطلب هذه النائبة من قناة عراقية بالإعلان عن إلغاء التظاهرة لان المالكي يؤيد مطالبهم, والانكى من ذلك ان بيان الداخلية قبل يومين في تبريره لعدم منح أجازة التظاهرة قال مادام هو الهدف من التظاهرة هو إيصال صوت الشعب بخصوص الرواتب التقاعدية ,فقد وصلت الفكرة.

 الشعب خرج وطالب وأسمع صوته وتحدى الصعاب وسوف يستمر بتظاهراته حتى لو لم تجاز من قبل  السلطات مستقبلا وربما قد تؤدي الى ما أدت به الأحوال في مصر.والشعب العراقي ليس اقل شجاعة من الشعب المصري.

 إذا كانت  الحياة تتحدى الإرهاب فالشعب يتحدى إرهاب السلطة التنفيذية التي تحاول قمعه..