المنبرالحر

المرأة العراقية كانت رصاصة مؤثرة تنطلق مع رصاصات الثوار / كاظم السيد علي

بعد أن أتم البريطانيون سيطرتهم على العراق كافة عام 1918 أستاء الشعب يومئذ بكل قواه مما أدى الى مقتل حاكم النجف البريطاني الكابتن (مارشال) في دائرته .
فكانت تلك الحادثة بمثابة الومضة المبكرة الأولى لإيقاظ التحدي الثوري لدى الجماهير والتي مهدت لقيام الثورة العراقية الكبرى في 30 حزيران عام 1920 ، منطلقة من مدينة الرميثة على يد الشيخ شعلان ابو الجون ، فانطلقت هوسته ورصاصته الاولى معا في تلك اللحظة :
( حل فرض الخامس كوموله )
وفعلا في ذلك اليوم هبت كل طبقات الشعب في كل ارجاء الوطن من شماله حتى جنوبه يلبون نداء الواجب الوطني . واستمرت الثورة فكان للشعر الشعبي الدور المهم .. في تحريض وشحذ عزيمة المقاتلين من خلال الأهازيج ( الهوسات ) التي كان ينشدها الشاعر الشعبي وكذلك الشاعرة الشعبية التي لعبت دورا أساسيا في التحريض والاندفاع بنفس الروحية ، الكفاحية ، مع أخيها تشد من عزيمته وهمته مع رفيقاتها اللاتي ينشدن النوحيات بأبداع شعري يثير الهمم ويلهب الحماس وسجل بدقة وتفصيل اكثر مجريات المعارك ضد العدو الغاشم يطلقنه في ميدان القتال مباشرة ، امرأة شاعرة تخاطب زعيم الثورة في هذه النوحية التي اتسقت مع الهوسة في التعبير عن الثورة وأحداثها ومسيرتها ورجالها كانت ضمادا وبلسما لجراح كل مقاتل .. وكانت كلماتهن وما يعبرن بها من أحاسيس ثورية رصاصات مؤثرة تنطلق مع رصاصات الثوار ولسانا معبرا:
ثار التفك وأسمع اندابه
ودخانته مثل الضبابه
نخو وين فكاك الطلابه
يشعلان ياراعي المهابه
يماضي ولا ينشد اصوابه
ياصنديد ياوكفة اصحابه ..
وكانت المرأة تصاحب الثوار وتشجعهم بالهوسات والزغاريد على استمرار الكفاح فقالت احداهن وهي نازي الحاجم من عشيرة الظوالم عندما عاد شيخ عشيرتها (ابو الجون) والثوار بعد ان دحروا قوات المعتدين في المعركة وسيطروا على جسر (السوير ) في الرميثة أخذت تنشد هذا الشعر الحماسي :
شعلان اجاها اوصاح شوباش
خله الرميثة امجضعه الشاش
العج غطاها والثره افراش
كركه اوسيك اوباجي الاوباش
ولاهاب من مدفع اورشاش
واللي يخلد امته عاش
ظلت بهذه الروح ترافق اخاها في سوح القتال تسانده وتدعمه وتشد من عزيمته .. فهذه احدى المقاتلات الشاعرات المرافقة لإخوانها وبعد ان انهزم الغزاة امامهم في منطقة (العارضيات) ليلا اخذت تنشد وتفتخر بإخوانها الثوار وببطولاتهم على المستعمرين في تلك المنطقة وهي تصف وتسجل اجوواء المعارك القتالية التي خاضها الثوار العراقيون ضد القوات الغازية :
ثار التفك والنجم غرب
وظهر ليه وين المذرب
واحدهم عجيد اوينحر اسرب
مثل السبع بالكون لوطب
ريح الشمال العذب من هب
ومن الجماعة الجيش كرب
اوصب الرصاص الماي من صب
واحنه اللي يجينه يهلك ويتعب
لم تقتصر تجربة المرأة العراقية الثائرة في فنون (النعي) بل كتبت الهوسة كما كتبها الرجل في سوح المعركة وهذه احداهن تثير النخوة بين ابناء الفرات وتجرد رأسها من عصابتها حين دخول الانكليز الى منطقة العوجة في مدينة السماوة وهي تخاطب زعماء العشائر الفراتية :
وين اليودي معصـبي ويه الوذان
ويخبر صبيبان الفنوني ونايف الجريان
يكل لبن البريس يحشم الشعلان
العوجه اهتزت عينوها