المنبرالحر

من اوراق ثورة العشرين / معركة الرارنجية ودور عشائر الشامية فيها / حازم الجعفري

اعتبر يوم ال 30 حزيران عام 1920هو التاريخ الحقيقي لقيام ثورة العشرين. تلك الثورة التي انطلقت من مدينة الرميثة , عندما امر القائد العسكري لمدينة الديوانية نائبه في الرميثة بإلقاء القبض على الشيخ شعلان ابو الجون شيخ عشيرة الظوالم وقد استدعى ذلك القائد الشيخ شعلان طالبا منه القدوم للتباحث في بعض الامور التي تخص مدينة الرميثة ولما وصل الشيخ الى المركز تم اعتقاله .وعندما عرفت عشيرته انه اعتقل انتفضت وقامت بقطع خطوط سكة الحديد لمنع مرور القوات البريطانية شمالا وجنوبا , وبعدها عمّت شرارة الثورة كل مدن الفرات الاوسط ومنها مدينة الشامية. حيث كانت توجد فيها حامية بريطانية بقيادة ضابط انكليزي اسمه الكابتن (مين). وكان هذا الضابط يمارس سلطاته باعتباره الحاكم العسكري للمدينة.وبعد ان علمت عشائر الشامية بانطلاق الثورة توجه وفد من هذه العشائر لمقابلة الكابتن مين وضم الوفد رؤساء تلك العشائر التي لها ثقل في المدينة وهي عشائر الحميدات والعوابد والخزاعل وهم كل من الشيخ رايح العطية والشيخ عواد المرزوك والشيخ سلمان العبطان, وقد طلب الوفد من الحاكم البريطاني ان يغادر الشامية والا فانهم غير مسؤولين عن حياته وحياة افراد قوته التي كانت قد اتخذت معسكرا لها داخل المدينة وهي الان مدرسة اليقظة للبنات. وقد طلب الكابتن مين مهلة ثلاثة ايام لمشاورة قيادته في حامية ابي صخير. وخلال تلك المدة كان رجال العشائر يجوبون المدينة وهم يحملون السلاح بصورة علنية في اشارة واضحة للجنود الانكليز وفعلا وقبل انقضاء المهلة الممنوحة لهم غادرت الوحدة البريطانية الشامية متوجهة نحو ابي صخير حيث عمّت الافراح المدينة لهذا الانتصار. وقد شكلت العشائر مجلسا لإدارة المدينة رأسه الشيخ رايح العطية شيخ عشيرة الحميدات وضم المجلس رؤساء عشائر العوابد مرزوك العواد والشيخ سلمان العبطان شيخ عشيرة الخزاعل وشيخ عشيرة آل فتلة صكبان العبادي. ثم جاءت الاخبار الى الشامية وهي تفيد بانطلاق ثورة مسلحة شعبية لطرد الانكليز من عموم العراق واقامة حكومة وطنية. وعلى الفور تم تسليح ابناء العشائر والاستعداد للتوجه الى ابي صخير وطرد الحامية الإنكليزية منها. وكان مكان تجمع العشائر المفترض في مضيف الشيخ رايح العطية في منطقة الخشانية جنوب الشامية وفي نفس اليوم جاءت الطائرات البريطانية وقصفت مدينة الشامية وقد قتل واصيب العشرات جرّاء هذا القصف وعلى هذا الاساس اقترح الشيخ مرزوك العواد شيخ عشيرة العوابد بان يكون مكان التجمع في مضيفه شرق مدينة الشامية وهو اقرب الى مدينة ابو صخير. وفعلا تجمعت العشائر وانطلقوا في يوم 15 تموز نحو ابي صخير وحاصروا الحامية التي تقع على نهر الفرات وبعد مفاوضات سمح لهم بالمغادرة على البارجة الحربية المسماة (نور فلاي) التي اخذت تقصف العشائر على طول طريقها وهي تنسحب وعلى جانبي النهر وقد لاحقها الثوار الى الكوفة و اغرقوها في النهر بعد ان استولوا على احد المدافع من القوات الانكليزية حيث قاموا بعمل ابرة له واصلحوه واغرقوا تلك السفين الحربية به.وهناك قرروا تغيير وجهتهم والذهاب نحو الرارنجية حيث يتواجد هناك معسكر كبير للقوات الانكليزية يضم المئات من القوميات من (سيخ وكركه وانكليز) ولما علمت القيادة البريطانية في الحلة بهذه القوات وهي تتجه الى الرارنجية ارسلت تعزيزات من النخبة من قواتها متمثلة برتل (مانشستر) لمساعدة قواتها المتمركزة في الرارنجية. وعنما حلّ المساء بدأت المعركة بين قوات العشائر وهم يتسلحون باسلحة بسيطة وبين القوات البريطانية ذات التسليح الجيد ودارت بين الطرفين معركة كبيرة استبسل فيها رجال العشائر وكبدوا الانكليز خسائر كبيرة. واستعملوا (حيلة) رائعة اسهمت في كسب المعركة وتتمثل تلك الحيلة بان قامت العشائر بجلب بعض الحيوانات (الحمير) وحملوها بكميات كبيرة من الحطب ووجوهها نحو الجنود واشعلوا النار فيها ولما وصلت بالقرب من القطعات البريطانية ارتبك هؤلاء الجنود وقد استغل رجال العشائر هذا الارتباك في صفوف الجنود وهجموا عليهم واوقعوا فيهم خسائر كبيرة وقد غنموا الكثير من الاسلحة والمعدات من القوات البريطانية التي انسحبت نحو مدينة الحلة وبذلك تحقق النصر لرجال عشائر ثورة العشرين الابطال
تحية اكبار واجلال لرجال ثورة العشرين
والمجد الخلود لشهدائهم الابطال