المنبرالحر

عن مسودة الموضوعات السياسية للمؤتمر الوطني العاشر/ د. فارس كمال نظمي ...


الحزب الشيوعي العراقي.. هل هو «الحزب» الوحيد في العراق؟
نشرت جريدة «طريق الشعب» مؤخراً وثيقة أولية (مسودة) بعنوان (موضوعات سياسية للمؤتمر الوطني العاشر للحزب الشيوعي العراقي)، مطروحة على الرأي العام لمناقشتها وتقديم الملاحظات والتغييرات في شأنها، وصولاً إلى إقرارها في المؤتمر العاشر القادم للحزب.
ودون الخوض في مسألة النقد البنّاء الموجه إلى أداء الحزب الشيوعي في حقبة ما بعد 2003م، وبعيداً عن مدى اعتراضنا أو تأييدنا للمضمون السياسي والفكري والأسلوب البلاغي لهذه الوثيقة (المكونة من 45 صفحة و368 بنداً)، الذي هو ليس محل بحث في هذا المنشور، فيجدر تسجيل النقاط الآتية :
1- الوثيقة تعد نصاً تقويمياً شاملاً لمجمل الأوضاع في العراق، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وقانونياً، على نحو تفصيلي أحاط بأدق ملامح المأساة العراقية، طبقاً للمنظور الاشتراكي الديمقراطي.
2- تتسم الوثيقة في إطارها العام بإتساق الرؤية وتماسك الطروحات ورصانة التحليل (اختلفنا معه أو اتفقنا)، بما يعكس التجربة الغنية والصادقة والمتراكمة لأقدم الأحزاب التنويرية في العراق المعاصر، وأكثرها عقلانية وارتباطاً بالمصالح الحقيقية للناس.
3- إن نشر هذه الوثيقة وطرحها للنقاش العام، يعدّ تدريباً متقدماً على ممارسة الشفافية الفكرية والتنظيمية، وهو تعبير ملموس عن دمقرطة الأداء الحزبي، في حال تم الأخذ الموضوعي والتفصيلي بكل الملاحظات والمقترحات التي ستقدم في شأن الوثيقة دون إهمال أي منها.
4- إذا كان الحزب الشيوعي العراقي بوصفه بنية سياسية قابلة للإصلاح لا تخلو من اعتلالات الحركة اليسارية في العراق وعموم المنطقة العربية والشرق الأوسط، فإنه يقدم نفسه (عبر هذه الوثيقة) بوصفه الجهة السياسية الحزبية الوحيدة تقريباً، القادرة على تقديم فلسفة سياسية واضحة ترتكز إلى مبادئ الموضوعانية والعِلموية والأخلاقوية والوطنياتية، بالمقايسة مع أغلب التنظيمات السياسية العراقية الأخرى ذات الرؤى الملتبسة أو السطحية أو الانفعالية، سيما جماعات الإسلام السياسي الغارقة في غيبيات «القداسة» المنتجة للرثاثة الفكرية والفساد السياسي.
5- إن القيمة الفكرية الحقيقية لهذه الوثيقة، ستتجسد فقط في حال تزامنها مع إقرار تجديدات هيكلية أصيلة في بنية الحزب التنظيمية وتراتبه القيادي خلال المؤتمر القادم، بما يضمن معالجة البيروقراطية الحزبية عبر توفير مادة بشرية جديدة تتسم بالنزعة الراديكالية الإصلاحية الشبابية القادرة على تجسيد الأفكار ونقلها من مفاهيم التنظير والتحليل والفهم إلى سياقات التطبيق العملياتي التحويلي للعالم.
6- إن المناخ الثقافي الإنسانوي الرسالوي الذي دأب الشيوعيون السياسيون، ومعهم الشيوعيون الاجتماعيون وكل اليساريين بأصنافهم المختلفة، على إشاعته في الحياة العراقية طوال تسعين عاماً، يجعلهم مرشحين باستمرار - نظرياً على الأقل- ليكونوا القوة المجتمعية الأكثر قدرة على استيعاب الصدمات أوقات الكوارث السياسية، وإعادة إنتاجها لاحقاً بصيغ فكرية وسلوكية متجددة تسهم في إنهاء وصمة الاستغلال بأنواعه، ومكافحة القيمة التشيؤية للوجود الاجتماعي واستبدالها بالقيمة الجمالية الخالصة. وهذا ما هو منتظر جزئياً من المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي.
7- ارتكازاً على ما تقدم، وبعيداً عن نتائج الانتخابات البرلمانية المكتوبة بحبر الوعي الزائف، يبرز الحزب الشيوعي العراقي - بمآثره وأخطائه- بوصفه الكيان السياسي الأكثر تمثيلاً لفكرة «الحزب» المستوفية للشروط الايديولوجية والتنظيمية والقانونية في ساحة العمل السياسي في العراق؛ والأهم من كل ذلك استيفاؤه لِشَرْطَي النزاهة الأخلاقية المُلهِمة، والقدرة الدؤوبة على المناداة بفكرة الأمل: الأمل الموضوعي بوطن حر وشعب سعيد.