المنبرالحر

المشكلات المزمنة/ سلام خماط

لم تثبت الحكومات العراقية المتعاقبة منذ سقوط النظام السابق في عام 2003 إلى الآن قدرتها على استخدام أسلوب امثل لحل المشكلات المزمنة بدءا من الكهرباء مرورا بالبطالة والخدمات ,فلم يلمس المواطن العراقي وجود معارضة حقيقية في البرلمان ممكن أن تكون الرقيب والمحاسب لأخطاء وفساد السلطة التنفيذية لكن ما لمسه المواطن أن تلك المعارضة أو بالأحرى ما تسمى بالمعارضة قد أصيبت بالوهن والإرباك فكان نصفها الأول في البرلمان والأخر في الحكومة مما أدى إلى ضبابية المشهد وعدم التمييز بين الدولة والحكومة ,فالدولة كما هو معروف تمثل الوعاء الذي يحتضن شكل الممارسة السياسية والاقتصادية والاجتماعية من خلال وضع الثوابت الوطنية والشروط القانونية لتك الممارسات ,أما الحكومة في الأداة التي تعمل على تحقيق تلك الممارسات بشكل مباشر .
المشكلة في العراق اليوم أن الهيئات السياسية لا تقيم وزنا لأهمية التمييز بين الدولة والحكومة بل عمدت تلك الهيئات إلى تذويب مؤسسات الدولة وثوابتها الدستورية في بوتقة مصالحها الحزبية أو الشخصية مستخدمة من اجل ذلك ذرائع شتى أخطرها إثارة العصبيات والنعرات الطائفية أو القومية أو العشائرية مما عزز غياب الخطط التنموية طويلة الأمد ,فالحكومة المنتخبة يشترط فيها ان لا تخالف الدستور وان يكون برنامجها مستوعبا للخبرة المكتسبة من تعدد الدورات الانتخابية السابقة والراهنة ,لكن هذا لم يحصل وحصل بدلا منه هيمنة بعض الأطراف السياسية على الدولة والتحكم بثروات البلد وتوظيفها لصالح منافعها الخاصة ,فباتت في العراق اليوم فئة سياسية لا هم لها سوى الهينة والاستيلاء على كل شيء دون ان تخشى من معارضة تحد من هيمنتها وتجاوزها على المال العام ,الأمر الذي جعل من تلك الفئة تعمل على تأجيج الصراع الطائفي مما اضر بوحدة الشعب العراقي وهدد تلك الوحدة بالخطر ,وخير دليل على ما نقول ما يرفع من شعارات طائفية في العديد من مدن العراق الأمر الذي يتعارض مع ترسيخ قيام الدولة الديمقراطية التي تعتمد بالدرجة الأساس على تطوير المؤسسات من خلال تعاقب الدورات الانتخابية .
لقد أثبتت الوقائع التي جرت على ارض العراق عدم قدرة الطبقة السياسية على إقامة دولة تمثل جميع أطياف الشعب كما هو الحال في سويسرا أو الولايات المتحدة وبدلا من ذلك كانت تلك الطبقة السياسية تمثل جهة معينة أو حزب معين مما أبعدها عن مفهوم الديمقراطية المتعارف عليها في كل العالم والمتمثل في قبول الأخر أو الاعتراف به .