المنبرالحر

موضوعات سياسية للمؤتمر الوطني العاشر للمناقشة / محسن ناصر الكناني

موضوعات الثقافة
أخرج الحزب من خلال أدبياته، وقنواته الاعلامية (مسودة موضوعات سياسية، عشية المؤتمر الوطني العاشر، طرحها للمناقشة الحرة، وهو تقليد سياسي يحسب له، (لتحقيق مضامينها، والإسهام في رسم الخط السياسي العام للحزب).
***
من قراءة متفحصة للمسودة وأبوابها، يكشف القاري عن تبصر، ورؤية وتحليل موضوعي، للمشهد السياسي القائم، وطبيعة المرحلة الانتقالية التي طال امدها، منذ التغيير في العام 2003، وهي بلا شك فترة بيد القوى المتنفذة، التي انتجت نظاما سياسيا متخلفا، النظام المحاصصي – الطائفي – الاثني، الذي خرب بناء الدولة، مبتعدا عن النظام الديمقراطي – الفدرالي المرسوم في الدستور !
***
ثمة نقطتان وردتا في (المسودة) هما النقطة 144، والنقطة 165، النقطة الاولى تشير الى اهمية البديل المدني الديمقراطي الوحيد القادر على اعادة بناء الاقتصاد والمجتمع، والدولة على اسس جديدة، لتكون دولة مواطنين احرار وليس رعايا، وتشير النقطة كذلك الى حاجة البلاد الى (توجه ثقافي، يشكل نفيا، لثقافة الاستبداد، والنزعات الماضوية، المناهضة للحداثة والتنوير، ورفض الاخر، وعدم احترام التنوع، ثقافة يكون عمادها التعاقد، وتعايش يتسع للتنوع والخصوصيات، وتشير النقطة كذلك، الى صعوبة (تشّكل ثقافة سياسية كهذه في عراق اليوم)، وتظل رهانا حقيقيا للمستقبل، ولابد من مواصلة العمل رغم كل الصعوبات ومناورات النظام المحاصصي) هذه النقطة تخفي وراءها، صراعا محتدما، سيبقى قائما بين القوى المتنفذة على مقاليد المال، والسلطة والإعلام، وبين القوى الجديدة، المتشكلة حديثا في الطبقة الوسطى، حاملة راية الافكار الديمقراطية، والثقافة العلمية الجديدة، التي نزلت الى الشارع بقوة جارة وراءها تيارا متدفقا، سيكون له شان في رسم السياسة الجديدة للدولة الوطنية، اذن هو صراع طويل محتدم، حقيقي للمستقبل، الذي باتت نتائجه تتضح في طوفان الشارع، الذي يذكرنا، بتيار الحركة الوطنية بعد الحربين وصعوده اللاحق بعد 14 تموز 1958، تيار اصيل، استمد قوته من قوة الحركة الوطنية ورموزها الاوائل المؤسسين، الذين قرأوا واقع المجتمع العراقي، وواقع الحداثة العالمية، مما عجّل في اطلاق قائد ومفكر كبير، بيانه الشيوعي فاستيقظت اوروبا على شبح يجول فضاءها.
صعوبة تشكيل ثقافة سياسية الان في ظل نظام سياسي اعرج، انتج لنا نظاما اقتصاديا متخلفا، يتكئ على اقتصاد السوق الليبرالي المُعوَّم، بعيدا عن التنمية المستدامة، للإنسان والمؤسسات وصولا الى العدالة الاجتماعية المطلوبة .
النقطة الثانية 165 التي تنص (العمل على تطوير النشاط في اوساط المثقفين، وفي المجال الثقافي عموما لتوسيع، وإدامة العلاقات التقليدية مع هذا الوسط الحيوي المهم، وتنشيط دوره في ترقية الوعي الاجتماعي، وتنميته في الاوساط الاجتماعية والشعبية)
هاتان النقطتان تراهنان على قوة الشعب، وشغيلة اليد والفكر في بناء الثقافة، والاصلاح الثقافي الشامل .
ارى ان تتسع الاشارة الى هاتين النقطتين في حقل (مهمات الحزب) لانهما يخصان تيارا جديدا، ودما جديدا، متعطشا للعلم، والمعرفة، والثقافة، الذي بانت تباشيره في ساحة التحرير والمتنبي، والساحات الاخرى، وسيصعد لاحقا في المدارس، والجامعات، ومؤسسات المجتمع المدني الناهضة، الذي يقف بالضد من ثقافة الاستبداد، وثقافة الماضي التليد ..
السؤال : كيف نديم زخم الشارع الثقافي ونفتح له القنوات المسدودة في المركز والأطراف، لترتوي شجرة الثقافة العراقية المرتوية بدماء وعرق ابنائها الشجعان، وقد لاحت غيوم جديدة، تنذر (بخطر العلمانية، وضرورة الحفاظ على التراث هذا التيار يتخذ مظهرا جديدا، هو نفسه الذي اغلق المكتبات والمراسم، واغلق الكتاب، وابواب السينما والمسرح،.. وضيّع (التراث الانساني)، وتراث وادي الرافدين، هاتان النقطتان تؤشران على ضرورة الثقافة في البناء والاصلاح، ثقافة تبني الانسان وتعمر الاوطان.
***
نحتوا من الصخر ثم غرفوا من البحر
وانا اكتب عن الثقافة في المسودة لاح لي الفتية العراقيون : فهد ورفاقه يلمون صفوفهم في المدن العراقية، وبعد ان اطلق فهد منشوره الاول في الناصرية، فاستيقظ النظام فزعا من منشور احمر، سيكون ايذانا بتجمع الحلقات الماركسية (الصحيفة) الرئة الثقافية الاولى التي انفتحت على الرياح الجديدة، في اوربا فتلاقحت في التربة العراقية مشَكَلة، تيار الثقافة – الوطنية الديمقراطية، الذي ترسخت جذوره في الارض مما عجل من تأسيس الفتية اول تنظيم ماركسي عراقي تحت شعار (قووا تنظيم حزبكم.. قووا تنظيم الحركة الوطنية) الذي اثمر عن تيار عارم، شكل بحرا .
لننصت الى الشعب الان، وماذا يريد..؟
يريد غذاء وامنا وثقافة،
وصحيح ان (تشكيل ثقافة جديدة) ينطوي على صعوبة ،
ولكننا بلا شك، نراهن على قوة شعبنا، وارادته في الحرية والاستقلال، والثقافة،
اذن لننحت من الصخر، ثم نغرف من البحر ..