المنبرالحر

الدور التنويري للصحافة الشيوعية / سنا الجزائري

لا أود كتابة مقالة تستذكر تأريخ الصحافة الشيوعية العراقية وتقف عند المعلومة التاريخية وحسب ، على غرار مقالات أخرى، إنما اردت التركيز على دور الصحافة الشيوعية في نشر المعلومات والتحليلات والاخبار الغائبة عن المجتمع العراقي. فقد لعبت الصحافة الشيوعية العراقية ومنذ بداية تأسيسها دوراً كبيراً في توعية الناس وإطلاعهم على مستجدات الاحداث من أجل تزويد القراء ورفدهم بوجهات نظر اُخرى مغايرة عن المتعارف عليها. إطلاع الناس على قضايا لم يكونوا يعلمون بها سابقا أو مخفية عنهم لأسباب معروفة او غير معروفة من أجل خلق راي عام يخدم بحق فكرة الوطن الحر والشعب السعيد.
الصحافة اليسارية كانت وما زالت ذات مهنية عالية. وتخرّجت بين يديها العديد من الأسماء البارزة صحفيا. فالصحافة المسؤولة تشترك في كل العالم بأمر مهم أو مبدأ مهم الا وهو البحث عن الحقيقة لا تزويرها. وهذا ما امتازت به في الدرجة الأساس الصحافة الشيوعية العراقية. فهدفها الاول والأخير تزويد قرائها بالمعلومات الحقيقية المغيبة. المعلومات قوة في عالمنا هذا، والحقائق تدعم المعلومات. نحن نعيش الان في عالم المعلوماتية وكل شيء لا يتجاوز نشره، بضعة ثوان، بوساطة وسائل الاتصالات الاجتماعية. فكيف كل هذا وبقيت الصحافة الشيوعية بارزة في نشرها الحقيقة، سيما وأننا نستلم المعلومات من كل مكان؟. المصداقية والامتداد الزمني لمهنة الصحافة الشيوعية هي ما جعلها صحافة ملتزمة حتى وإن طورت من اساليبها في نقل المعلومة. لهذا بقي دورها الحامي أو المراقب لما يدور في العراق والتصدي لما يضر بمصلحة الوطن. وليس غريبا ولا صدفة ان تكون لسانا ناطقا باسم الشعب.
وكما قال برنارد راسل " في كل الأحوال، على الصحفي بين الحين والأخر، أن يضع علامات استفهام على الأشياء التي كانت ثوابت على المدى الطويل". نعم، ولهذا تبقى الصحافة اليسارية حاملةً دورا عظيما، دورها في خلق وتوعية الراي العام عبر عرض الحقائق وامداد الناس بالمعلومات من خلال كشف الحقائق. من هنا جاء دور الصحافة الشيوعية مختلفا. هذا ليس پروپاغاندة خاصة بصحافة الحزب الشيوعي، حتى وإن اعتبرها البعض على انها پروپاغندة. لكن المتابع للصحافة اليسارية الشيوعية، سيجد الكثير من الأدلة والقرائن التي تدعم ما نقول. فهي مظلة لكل أطياف الشعب العراقي، توصل المعلومة الصحيحة إلى الجميع ولا تفرق بين هذا وذاك. ، هي بانية وداعمة لكل أطياف الشعب العراقي، ومدافعة عن المرأة والطفل، والفلاح والعامل، وعن الطلبة والشباب، ومع تعدد الأديان، وصيانة حقوق الأقليات. فكيف لا اقرأ صحافة ناشرة لثقافة الحب والسلام والتي تشعر بمسؤوليتها التاريخية تجاه الإشكاليات المختلفة التي تعاني منها البلاد؟ وكيف لا اقرأ صحافة تتكلم بإسمي وباسم الاخرين؟
نحن في أمس الحاجة الى رأي مغاير، رأي سلمي أخر، يصب في مصلحة الجميع. بعد ما دمرت الدكتاتورية البغيضة والحروب الطائفية والتعصب والتشدد الديني روح الفرد العراقي. نحن في أمس الحاجة إلى خلق رأي مغاير يلعب دورا مهما في رؤية القضايا السياسية والثقافية والاجتماعية من زوايا أخرى غائبة عنا. من هنا تبرز المسؤولية الملقاة على عاتق صحافة يسارية بهذا الشكل. فهي تستحق ان يُحتفى ويُحتفل بها لأنها معنىً للصحافة الملتزمة بقضايا الشعب. فدورها الأساسي الذي لعبته في تطوير الوعي الاجتماعي والسياسي والثقافي منذ بداية تأسيسها حتى الان كان واضحا.
المصداقية التي تتحلى بها الصحافة اليسارية في العراق تجعلها تحظى باحترام القراء لما تحمله من أفكار وطنية وتقدمية وديمقراطية. فهي حريصةـ خصوصا بعد التغيرات التي حصلت في الساحة السياسية وما افرزه الاحتلال من المحاصصة الطائفية وتداعياتها على المجتمع العراقي ـ على توعية الناس. لهذا ومن جديد، نحن في أمس الحاجة الى صحافة واضحة تخدم مصالح الفرد العراقي وتزرع فيه مفاهيم تقدمية من أجل دولة حرة ومدنية ومساواة وعدالة اجتماعية.