المنبرالحر

وزير الدفاع و صراع الفساد ! ـ 1 ـ / د. مهندالبراك

ادت التغييرات التي حصلت و تحصل في الحياة السياسية العراقية بسبب فعالية الاحتجاجات الجماهيرية السلمية اثر تزايد صعوبات الحياة القاسية التي تعيشها الجماهير و بسبب الحرب و الإرهاب . . ادّت الى تغييرات انعكست في البرلمان، منها خروج العديد من النواب عن طاعة مسؤولي الكتل المتنفذة الحاكمة، حيث يعتبر نواب من كتل متنوعة، انهم الان يتنفسون الصعداء لانهم اكثر حرية في مواقفهم على حد تعبيرهم في وسائل الإعلام.
و فيما يستغرب كثيرون استدعاء وزير الدفاع السيد خالد العبيدي للإستجواب في البرلمان الآن بتهم فساد ! . . الآن و الجيش يحقق الانتصارات المتتابعة للمرة الأولى، و الوزير هو الرئيس الأعلى للجيش و ممثل المؤسسة العسكرية الرسمية، و يتساءل آخرون عن كيف يتصور المتّهٍمون مهاجمة وزير دفاع البلاد في ظروفنا المعقدة و انه عاجز عن الدفاع عن نفسه، و هو ضابط مهندس ذو خبرة و نائب سابق في البرلمان و ليس ببعيد عن انواع الطبخات و العلاقات الجارية في اقبية مؤسسات الحكم و البرلمان الموصوف في برلمانات العالم بكونه سئ السمعة، وفق وكالات الأنباء العالمية و نتائج استفتاءاتها.
و تتساءل اوساط واسعة، لماذا التاكيد على استجواب وزير الدفاع الموصلي الآن مع التهيؤ لحرب الموصل الكبرى، و مواجهته باتهامات تمس أمانته ؟ الا يفرق ذلك الصفوف و يخدم العدو الشرس داعش؟ في وقت اعلن فيه رئيس الوزراء العبادي رفضه للاستدعاء في الظروف القائمة الآن ؟؟ اضافة الى تصريحات بالمعنى نفسه لقيادة التيار الصدري و المجلس الاسلامي .
و يرى مراقبون محايدون بأنه يخطئ من يخطط لاسقاط وزير الدفاع الان، لمختلف الأسباب المارة اضافة الى طبيعة توازن الكتل الحاكمة، في وقت يخطئ من ينتظر منه الاجابة الصريحة تماما في ظروف الحرب الطاحنة و تحقيق الجيش انتصاراته لأول مرة بقيادته ، و كيف سيجيب وزير الدفاع القائد الاعلى للجيش على هجومات ذات طابع شخصي منفلت ان لم يُجِبْ على الاستفسارات بالصورة التي اجاب عليها، و التي حوّلت المشهد تماماً من اتهامات لشخصه الى اتهامات لعموم مجلس النواب و لشبكة واسعة من المسؤولين في الحكم التحاصصي القائم، ليلتهب الجو عاكساً بتفاصيل ماهية الحياة اليومية للنواب و انشغالاتهم و ماهو اهتمامهم بشعبهم قياساً باهتمامهم بمصالحهم الانانية، عدا الشرفاء و المخلصين منهم رجالا و نساءً.
من جانب آخر، و فيما من الضروري ان تتوفر في الاستجوابات المهنية العالية، لايُعرف للنائبة صاحبة الاستجواب السيدة عالية نصيف اية صفة عسكرية مهنية، سوى كونها أم لضابط صعد حديثاً ، و اخبار تفيد بكونها كانت قد افتتحت مكتبا للتطوع للجيش بدعم المالكي بعد ان تحولت من العراقية الى كتلة دولة القانون وفق مواقع التواصل، اضافة الى انه ليس من المعقول استجواب وزير دفاع في اجتماع علني عام للبرلمان و الاستفسار منه عن تعيينات لعدد من العسكريين و الجنود ـ في وقت بلغت اعداد الفضائيين مئات الآلاف ـ و هي استفسارات ان كانت جادة يستطيع الاجابة عنها اي ضابط يمكن تكليفه في مقر الوزارة او ديوانها، فيما كان يُنتظر ان تكون المسائلة عن قضايا عقدية تخص جبهة الحرب و الوزارة و التشكيلات العسكرية و الادارة المالية و العقود و مافيها من نهب ككل الوزارات الاخرى . . بحسب آراء العديد من النواب.
و يرى العديد من المحتجين بأن ما حدث في مجلس النواب كان مهزلة واضحة واجهها الوزير، واستهتار بالتعامل مع وضع العراق، خاصة وانه يمر بازمة مالية وامنية خطيرة، ومع هذا تكشف الكتل السياسية عن استمرارها بالسرقة وتعريض أمن المواطنين للخطر . . . و كأنما نُسيت الحرب و نُسي مصير البلاد و الدلالات تزداد على ان السرقات و الفساد جاري على قدم و ساق بلا مبالاة بما يجري، خاصة بوجود صفقات باسلحة و معدات غير صالحة وفق توثيقات مختبرية لهيئة العقود في وزارة الدفاع، كما يطرح نواب .
و تبيّن النقاشات حجم ضغوط الابتزاز لحرف عمل المسؤولين و الوزراء عموماً، و تبيّن وجود تعاون وثيق بين تجار معروفين بالفساد و ملاحقين بقضايا، و مسؤولين حكوميين . . الذين يشكلون معاً اساس الطبقة الرأسمالية البيروقراطية الطفيلية الحاكمة فعلياً و النامية سريعاً . . خاصة و ان برلمانيين يصفون بان الفساد الاخطر هو في الداخلية و العدل و الكهرباء و ماجرى في دورات سابقة من التهام غير معقول للمال العام في وزارة الدفاع .
و رغم حجم الفساد الذي طرحه الوزير ليس كبيراً قياساً بما يجري الاّ ان الاتهام و المناقشات في البرلمان كشفت عن الكبر الهائل لمؤسسات الفساد و كونها الشاغل اليومي للنواب المتنفذين منهم . . حتى يصف نواب بأن مايحصل في البرلمان كأنه يوم قيامة البرلمان لاختلاف الفاسدين المتعاضدين فيما بينهم و هم معاً من مختلف الطوائف و الكتل !!! اختلافهم من اجل اعادة بناء شراكات جديدة، و يصفها آخرون بانها بداية خير لاستطاعة المسؤول المُستدعى الدفاع عن نفسه امام انواع الابتزازات من متنفذين متنوعين في البرلمان و في مؤسسات الحكم ذاته، كما يفعل وزير الدفاع.
و يطرح مراقبون و نواب، بأنهم كانوا يراقبون اثراء بعض زملائهم السريع جدا فمن اين اتت تلك الثروات الكبيرة ؟؟ و توصلوا الى : انها من الفساد لأن هذه العمليات ارباحها هائلة، و ان المهم للقضاء عليها هو، ان يصرّح المسؤول من هم اصحاب الابتزاز عليه ؟؟ و ممارسة مختلف الضغوط لجرّه (المسؤول) للعمل معاً على اساس (غطيّ لي و اغطيّ لك )، و ان مصادر الفساد تأتي من التجار و وسائل اغراءاتهم و تهديداتهم و عصاباتهم . . (يتبع)