المنبرالحر

ماذا بعد زلزال 8/7/ 2015 / صادق محمد عبد الكريم الدبش

الدين هو" مجموعة من المعتقدات والتشريعات والشعائر والطقوس والمؤسسات التي تحيط بحياة الإنسان .
والمحاولات الي تمارسها قوى الأسلام السياسي ، من خلال فرض رؤيتها وفلسفتها ونهجها على شعب بأكمله ، وهذا بحد ذاته قمعا لحق الناس في الأختيار ، والمحاولات التي مارستها هذه القوى لأسلمة الدولة والمجتمع ، وأثارة للنعرة الطائفية والعنصرية ، والممارسات المستمرة لفرض رؤيتهم وثقافتهم من خلال قمع حرية المرأة وتكميم أفواه المثقفين والتضييق على الأنشطة الفنية وفرض الحجاب على المرأة بشكل مباشر وغير مباشر ، وأعاقة كل التشريعات التي تنصفها وتوسع من حريتها وحقوقها ، ونشر ثقافة الأختلاف والأقرار بالأخر وغيرها من الأمور التي أدت الى تراجع كبير في مناحي كثيرة في الدولة والمجتمع .
شعبنا وخلال العقد الأخير لحكم قوى الأسلام السياسي ، قد خبرهم ..وكان شاهدا على حماقاتهم وما ارتكبوه وحجم تأثير كل ذلك على حياة الناس ، والواقع هو من يتكلم عن حجم الجرائم والسرقات والتراجعات والأنهيارات التي حدثت أبان حكمهم المظلم ، والذي أدى الى أفقار الملايين ، وأفراغهم لخزينة البلاد ، أن هذه الملايين التي كانت تنتظر الخلاص من الجوع والظلم والحرمان والمرض والدكتاتورية والقمع والأرهاب ، المتعطشين للحرية والأنعتاق والديمقراطية والسلام والعدل والمساوات .
فوجئ السواد الاعظم منهم وبعد تجربة مريرة عمرها عقد من السنين ...والذين جاؤوهم ليحكموهم بأسم الله والرسول والأئمة الأطهار ، وصدقهم الناس وساروا خلفهم وأنتخبوهم وأيدوهم بكل شاردة وواردة ، على أعتبار أن هؤلاء هم من يخاف الله وأهل بيته !..وهم من يحرص على حقوق الفقراء والمتعففين والمحرومين والبؤساء !!!، وأنتظروا طيلة هذه السنوات العجاف ، وتبين في أخر المطاف بأن هؤلاء لا يعرفون الله ولا نبيه ولا أئمتهم ...وهم منكرين وجاحدين لدينهم ..! وأتخذوه غطاء وخيمة لتمرير أجنداتهم ومصالحهم !.. ، وما كان يشغلهم يوما مصالح الناس وسعادتهم وأمنهم وعيشهم ببحبوحة وسلام ؟!... كان همهم الوحيد !.. مصالحهم وجشعهم وأنانيتهم وأستحواذهم على المال والسلاح والسلطة والجاه !...وسلكو كل الطرق ...المشروعة وغير المشروعة ، ليملؤوا خزائنهم وجيوبهم وبنوكهم من ثروات هذا البلد وعلى حساب الملايين من الجياع والمحرومين ، وتبرقعوا بعباءة الدين للعبور!!.. حتى وأن كان ذلك على حساب الناس !..وعلى جماجم البؤساء ودمائهم ودموعهم !!؟.. ، فذهب جراء ذلك الألاف من الضحايا الأبرياء ، ومن كل ألأطياف والألوان ، من هذا الشعب الصابر والمكافح !.. نتيجة لطائفيتهم المقيتة وأستأثارهم بالسلطة ، وأفتعالهم الأزمات !.. الذين غذوا وبشكل محموم النعرات الطائفية والأثنية والمناطقية والحزبية ، وصادروا الحريات والحقوق !!.. وساد الظلام والتخلف ،وأستشرى الفساد المالي والأداري والسياسي والعنف الطائفي ، والموت والخراب والدمار بفعل سياساتهم ونهجهم المدمر لكل شئ .
أن قوى الأسلام السياسي التي حاولت أحتكار السلطة !.. ومصادرة أي رأي مخالف لهم ولنهجهم !...بأتباع سياسة الألغاء والأقصاء والأبعاد والتهديد والوعيد ، والتي ما زالت مستمرة بنهجها هذا ، لتمرير سياساتهم وفرض أرادتهم على الجميع ، ومحاولات أسكات كل الأصوات التي كانت تنادي بالدولة المدنية الديمقراطية ، ومن أجل العدل والمساوات والتقدم ، وتعتبر كل هذه المناشدات والنداءات والأنشطة المختلفة ،هي معادية للدين ومن أجل أشاعة الألحاد واالمجون والتحلل ، ويفتون بما يدعم دعواتهم وأدعاءاتهم الكاذبة والمضللة والمجافية للحقيقة ولخداع الجماهير وأسكاتهم عن المطالبة بحقوقهم المختلفة .
ولكن ونتيجة لهذه التراكمات الهائلة من التراجع المريع لكل شئ في الدولة والمجتمع ، والذي بان للعيان وتلمسها السواد الأعظم من الناس وبانت حقيقتهم وفشلت هذه الطبقة المتربعة على دست الحكم منذ عقد من السنين ، وأكتشفت هذه الملايين زيف أدعاء هؤولاء الذين حكموهم بأسم الدين من قوى احزاب ( الأسلام السياسي ) وأن هذه القوى أبعد ماتكون عن الدين وقيمه وشعائره السمحاء والسامية ، وتبين للجميع بأن كل دعواتهم كانت كاذبة ومفبركة ومضللة ، لتحقيق مأربهم ونزواتهم وأهوائهم ، والتي تتقاطع مع مصالح الناس وتطلعاتهم وأهدافهم في العيش الكريم .
خرجت علينا الملايين من جماهير شعبنا !.. لتصرخ بصوت مدوي وهادر ، الذي زلزل الأرض من تحت أقدام هؤلاء السراق والمفسدين والفاسدين والطائفيين حتى النخاع ، وتهتف هذه الجماهير ( بأسم الدين باكونه الحرامية ) وكشفت الجماهير بعفويتها وبصدق حدسها وأحاسيسها ...كشفت عن عورات هذا النظام المتهرئ ونواياه !!.. وما أرتكبه من جرائم وسرقات وأثام .
وبالرغم من كل هذا الذي حدث ، والهزيمة المنكرة لهذه القوى الشريرة والظلامية وموقف الجماهير في سوح التظاهر في العديد من المحافظات ، مازالت هذه القوى المهزومة تحاول أن تشكك بموقف الملايين المنتفضة والثائرة ، لتخرج علينا ومن دون حياء !!...بأن ما يحدث في سوح الأحتجاجات هو عمل مدبر من قوى ركبت الموجة مثل ما حدث في الأنبار قبل عامين وفي نينوى وأماكن أخرى !!!...حسب ما يدعون ، ومثل هذا الخطاب الغبي والبعيد عن السياقات العامة والهابط في جوهره وفحواه .
على هذه القوى ان تقر بحقائق ما أستنتجته الملاين من أبناء شعبنا !!.. بفشلكم في أدارة الدولة والمجتمع ..وفشلكم بتحقيق أماني وتطلعات هذه الجماهير ، والتي تنفض يدها منكم وتتبرئ من نهجكم وسياستكم ، ومما تدينون به من أفتراءات وأكاذيب على الله والدين !.. وعلى الناس الذين صدقوكم لفترة غير قصيرة ، وأعتقدتم بأن الجماهير سوف تبقى في سباتها ..بحسب أحلامكم المريضة !.. وبنات أفكاركم ومخيلتكم وما أعتقدتموه !
ولن تحسبوا بأن الجماهير وحراكها وحدسها وصدق توجهاتها ..هي عملية غير محسوسة ولا ترى بالعين المجردة بالرغم من ديناميكيتها وأستمرار حركتها وحراكها ونشاطها ، وعندما تصل الى لحضة الأنفجار !..فلا راد لأرادتها وعزيمتها ، هذه االقوى الظالمة لن تحسب لهذا اليوم حساب !؟....ولن تحترم شعبها وأرادته وتحرص على أمنه على مصالحه !..فأخذتهم العزة بالأثم !.. ،وركبوا موجة المصالح الأنانية الضيقة والقصيرة المدى ...وأفقدهم ذلك بصرهم وبصيرتهم ..وساقتهم أهوائهم ونزواتهم الى الحضيض .
عودوا لمكانكم الصحيح ؟...وعاض ودعات للدين في المساجد والحسينيات ودور العبادة وأماكن الدعوة والأرشاد ..وأتركوا السياسة لأهلها ، وأتركوا ( دينكم السياسي ) وأرجعوا لأسلامكم ودينكم الحنيف ، وأدعوى الى الله بالحكمة والموعضة الحسنة ، فتحسنوا لدينكم ودنياكم ، فأن التقوى هي مخافة الله ..ومخافة الله يعني أن تخشاه في السر والعلانية ، وهو سبيلكم الى الرشاد والصدق في أقوالكم وأفعالكم .
ان خلاصة تجربة قوى الأسلام السياسي وما أرتكبوه من خطأ وخطيئة ، وما سلبوه وسرقوه ، وما أل اليه وطننا ، لهو درس بليغ !.. يحتاج من قوى شعبنا الديمقراطية والتقدمية والوطنية والمستقلة ، ومنظمات المجتمع المدني وكل المثقفين والكتاب والأدباء ورجال الفكر والسياسة في الدولة والمجتمع ، أن يستخلصوا الدروس من هذه التجربة والتي مازلنا لم نخرج من دائرتها ومخلفاتها وتراكماتها الهائلة ، مما يتوجب على الجميع أن يبقى متيقضا وحذرا ومستعدا لكل التطورات والمفاجئات ، وعلنا جميعا أن نعمل وبشكل حثيث على تحسين لخطابنا السياسي ، وأن يكون متناغم مع حركة الجماهير ، ويصب في أهدافها ومراميها وغاياتها !.. ومنسجم مع حس الجماهير وتطلعاتها ورغباتها الملحة في التغيير !
أني على ثقة بأن التغيير قادم واليوم وليس بعد حين .
المسألة الأخرى والمهمة هي النضال المستمر والحثيث في الدعوة ومن دون تردد وأنتظار ...وبشكل واضح وصريح ، بالمطالبة بقيام الدولة العلمانية الديمقراطية في عراق فدرالي حر ومستقل ، وهو مطلب ملح وأني ...تقتضيها المرحلة الراهنة.
وتكريس كل الأنشطة والفعاليات وبخطاب رصين ، يجمع ولا يفرق ، ويستقطب كل قوى الخير والتقدم والسلام على كل الساحة العراقية ...وهذا يحتاج مزيد من الضغط على نظامنا السياسي الحاكم ، والذي عليه أن يدرك بأن السبيل الى الأستقرار والرخاء والسلام والتماسك هو في هذه الدولة المنشودة .
تكون واضحة المعالم ، وتسخر كل الأمكانات لتحقيق هذا الهدف ....والذي يعبر عن تطلعات وأمال وطموحات الملايين من شعبنا .
وبشكل متوازي لابد من فضح كل ما من شأنه تكريس نهج وفلسفة وثقافة قوى الأسلام السياسي وسياساته المتخلفة ، التي كانت تنتهجها وما زالت ، وقد أثبتت الأيام فشلها الذريع ! وتسببت بكل هذا الدمار والخراب والموت ، التي هي بالضد من مصالح شعبنا ، وأعتبار أن مرحلة ما قبل 7/8/2015م قد أصبح شئ من الماضي ! ولا يمكن الرجوع أليه أبدا ، ويجب أن تفهم هذه القوى ذلك .
المسألة الأخيرة هو دعم كل ما من شئنه أن يعمق برامج وخطط التغيير المرتقب ، ومساندة كل خطوة للسير نحو هذا الهدف ، وبنفس العزيمة ، والتصدي لكل المحاولات لأعاقة عملية التغيير ، من هذه الجهة أو تلك ، وأعاقة البدء ببناء الدولة ومؤسساتها المختلفة ، وفضحها وتعريتها ولجمها والحد من نشاطاتها المؤذية لمسيرة عملية البناء .
السعي لتوسيع مساحة الحريات والنشاطات ، بالتعاون والتنسيق مع منظمات المجتمع المدني ، وتنظيم المهرجانات والفعاليات الفنية والثقافية والادبية لدعم هذا التوجه ، فهو مدخل من مداخل دمقرطت الدولة والمجتمع .
لنعمل جميعا وبتلاحم كل شرائح ومكونات وطوائف شعبنا ، وتوحيد جهدنا وعملنا لهزيمة الأرهاب والأرهابيين ، وكل القوى التي تسعى لبقاء العراق في دائرة العنف والتمزق والأحتراب والتخلف .
لا تراجع عن مسيرة شعبنا ووطننا ، بل السير بخطى حثيثة وواثقة للعبور الى شاطئ الأمان والسلام والتقدم والديمقراطية .
11/8/2015 م