المنبرالحر

هل سال لعاب السلطان بوتين على السيل التركي / جلال رومي

أفرح الكثيرون التدخل الروسي لمساعدة نظام الاسد لصد الهجمة البربرية المدعومة من قوى التخلف بالعالم وحلفاؤها من الدول الكبرى والاقليمية بالرغم من تاخر هذا الدعم كثيرا حيث تمكنت قوى المعارضة المدعومة من الخارج السيطرة على اكثر من ثلثي مساحة سوريا ,الكثير من السياسين التقدميين اعتقدوا بان الحسم لا يحتاج الا اسابيع قليلة وبتصورهم إن روسيا تمثل الان الاتحاد السوفيتي الذي عمل اكثر الاحيان من اجل مصالح الشعوب المضطهده ، لكن الامور ليست بهذه السهولة فالدول الداعمة للحركات الارهابية اكانت اقليمية او دول كبرى لا تتنازل بهذه السهولة عن مصالحها في هذه البقعة الشرق اوسطية المهمة وايضا اريد ان ابين بان تدخل روسيا جاء في وقت اصبحت مصالح روسيا مهددة خوفا من خسارتها آخر قاعدة بحرية في الشرق الاوسط اضافة الى ان روسيا لم تتحرك بهذه السرعة الا بعد ان اقتربت قوى المعارضة السورية من الحدود الاسرائيلية واصبحت تشكل تهديدا محتملا لاسرائيل برغم اننا نعرف جيدا إن هذه الحركات لاتعادي اسرائيل بالواقع لكن حالة الفوضى واختلاف مرجعياتها تجعل من الصعب تخمين ما سيحدث بالمستقبل ، فتدخل الروس جاء بتنسيق مسبق مع اسرائيل وهذا ليس سرا حيث اعلنت روسيا واسرائيل بفتح مركز مراقبة وتنسيق داخل الاراضي الاسرائيلية يضم ضباطا كبارا من الجانبين .
اختلف الروس بشكل كبير مع تركية الدولة الاقليمية القوية في ساحة الصراع المدعومة ماليا وعسكريا من قطرالاخوانية الدولة الغنية والتي تلتقي مع تركيا بحلمها تشكيل اكبر كارتير لتصدير الغاز بالعالم حيث تمتد انابيب الغاز من قطر صاحبة اكبر مخزن غاز بالعالم لتنقله عبر الاراضي السورية البلد الذي يحتوي على مخازن غاز لا بأس بها في البر ومخازن غازية هائلة في ساحلها الاوسطي ونقلها عبر الانابيب الى تركيا ومن ثم الى اوربا وبالتالي منافسة روسيا في السوق الاوربية او حرمانها من الضغط على الدول المعتمدة على الغاز الروسي في اوربا ، غير إن هذا الحلم لم يتحقق لتدخلات دولية معقدة ، وروسيا البلد الراسمالي الضعيف المعتمد بنسبة كبيرة على تصدير المواد الاولية لأن اقتصاده شبه ريعي ولابد له من الاستفادة قدر الامكان مما يجري في الساحة السورية . صحيح استفاد بشكل كبير كباقي الدول الكبرى من تصدير الاسلحة والعتاد الحربي وجرب الكثير من الاسلحة مما جعل سوريا ساحة دعائية لانواع الاسلحة الروسية لكن هذا لايكفي ، والعداء مع تركيا لاينفع للمدى الطويل وجميع قادة الدول الراسمالية تردد ماقاله تشيرتشل ذات مرة ، ليس هناك عداوات دائمة ولاصداقات دائمة بين الدول بل هناك مصالح ، ولاشك ان اصحاب القرار يرددون هذه العبارات ومن بينهم بوتين ناسين القيم والاخلاق وحتى القيم الانسانية وكأنهم يعيشون في غابة وحوش لا عصر المدنية .
يتفاجأ العالم بالتغير الدرامي لموقف روسية بوتين باعادة العلاقات وبشكل متميز مع تركيا العدو اللدود قبل اسابيع والاتفاق على السيل التركي وهو عبارة عن نقل الغاز الروسي من خلال انبوب يمتد عبر البحر الاسود الى تركيا ويصل حدود اليونان وانشاء مجمع هناك لتوريده فيما بعد للمستهلكين جنوب اوربا والمشروع يكلف 16 مليار دولار يمول مناصفة بين البلدين ومن المتوقع ان يبلغ حجم ضخ الغاز الروسي 63 مليار متر مربع سنويا منها 47 للسوق الاوربية و16 لتركيا .
إن هذه التغيرات الدرامية بالسياسة البوتينية سوف تتبعها بالتأكيد الكثير من السياسات غير المتوقعة