المنبرالحر

آن الأوان لوقفة جادة ومسؤولة / ثامر الحاج امين

الكثير منا يعرف الظروف المرتبكة والضاغطة التي تشكلّت في ظلها مؤسساتنا الأمنية بعد عام 2003 وما افرزتها من نتائج كارثية ممثلة بالويلات التي مازال شعبنا يكتوي بنارها منذ اكثر من عشر سنوات ، ودون ان تفكر واحدة من الحكومات التي تعاقبت على ادارة البلاد في اعادة هيكلة هذه المؤسسات المهمة واجراء اصلاحات جدية فيها من أجل تلافي ولو جزء بسيط من تلك الاخطاء التي يقف في مقدمتها نظام المحاصصة الطائفية والحزبية الذي طال هذه المؤسسات وكلف البلاد انهارا من الدم والخراب العام في بنيته التحتية وكان آخرها تفجير الكرادة المروّع الذي أزهق أرواح المئات من العراقيين وجعل البلاد تعيش حالة فريدة من الحزن والأسى والقلق ، عليه وبعد هذه الجريمة النكراء صار لزاما على الحكومة الاقرار بفشلها في ادارة الملف الأمني والتوجه بجدية إلى إعادة بناء واصلاح المؤسستين العسكرية والأمنية ولعل اهم خطوات هذا الاصلاح هي ابعاد هاتين المؤسستين عن المحاصصة التي جلبت الويلات على البلاد ، وتنقيتها من الطارئين والعمل على رفع قدراتها القتالية والاستخبارية وايجاد البرامج والدورات الكفيلة برفع كفاءة عناصرها في مجال حقوق الانسان واحترام القوانين النافذة . وحادث الكرادة وغيره ما كان له أن يقع لو كانت مؤسساتنا الأمنية على قدر من الاستعداد اللوجستي وعلى قدر من الثقافة والوعي بأساليب العدو وتكتيكاته التي باتت واضحة ومشخصّة لدى قطاعات واسعة من المجتمع والممثلة في تغيير اساليبه وتوقيتاته واختيار الهدف البعيد عن الحماية الكافية من أجل الحاق الاذى وزيادة مساحة التدمير ، وفي هذا المجال مثلا كنت اتمنى من كل مسؤول أمني كان قد قرأ كتاب ( ادارة التوحش ) لمؤلفه ابي بكر ناجي ــ يشك انه شخصية غير حقيقية انما هو اسم حركي مستعار ـ وانه كتاب مهم يشرح فكر واستراتيجية التنظيمات المتطرفة في العالم ويعتبر كأحد الأعمدة الفكرية لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب ولأهمية هذا الكتاب في التعرف على خطط وافكار هذه التنظيمات ووضع الخطط المقابلة لمواجهتها فقد قام مركز مكافحة الارهاب في كلية (ويست بوينت ) العسكرية الامريكية بترجمته الى الانكليزية وتوزيعه على المسؤولين في الدوائر السياسية والمسؤولين في وزارة الدفاع حيث يضم هذا الكتاب عددا كبيرا من الافكار التي تقوم قوى الارهاب اليوم بتنفيذها في العراق وفي بلدان اخرى مستغلة الثغرات والمناطق الرخوة والضعيفة أمنيا والنفاذ من خلالها للقيام بعملياتها الارهابية ، وكذلك في تثقيف اجهزتنا بمواد من القوانين العراقية المتعلقة باختصاصاتها لتلافي التجاوزات التي تحدث بسبب غياب التأهيل الكافي لافراد اجهزتنا الامنية ، ولهذا نحتاج الى وقفة جادة ومسؤولة لاحداث تغيير شامل في بنية مؤسساتنا الامنية من اجل الحفاظ على دماء وممتلكات شعبنا الذي ارهقته سنوات الفوضى والقلق والخراب الذي لا يبدو أن هناك مؤشرا قريبا لنهايتها.