المنبرالحر

ماذا بعد داعش المجرمة؟ / عبدالكريم جعفر الكشفي

ان كل الشرفاء والوطنيين يعرفون ان الحرب على داعش الارهابي وداعش السياسي هي حرب مقدّسة وضرورة قصوى لذلك ينبغي أن تتوحد الجهود الوطنية الخيرة والإرادات الصلبة لمواجهة خطورتها ودموية ممارساتها اللاإنسانية التي تعكس وجها بشعا لا يمت للقيم الإسلامية الحقيقية بصلة.. ولابد ان يدرك الجميع ان داعش الى زوال لأنه فكر لا يساير العصر وتطور المجتمعات الحديثة...ونحن نعرف ونعلم من أنشأ هذا التنظيم الارهابي وقدم له السلاح ومن فتح له الأبواب فى اكثر من بلد وقدم الدعم المعنوي والمادي له وان صورة الإرهاب القذر التى قدّمها للعالم سوف تبقى علامة سوداء فى ذاكرة الأجيال.
ان عراقنا الابي دفع ويدفع ثمن مجيء هذه الكائنات القذرة إلى البلاد في ليل الاحتلال ودسائس دول الجوار ،والطائفية البغيضة والمحاصصة المقيتة وبعض الإرادات المريضة المسكونة بكراهية الحق والقيم الانسانية والتي تشوة الإسلام وتكرس صورة غريبة شاذة عنه ، وهي تقتل الاسلام باسم الاسلام وباسم ،،الله أكبر ،، الذي تتخذه شعارا للذبح ومن خلال ابشع عملية اهانة وتسقيط للسلوك الإنساني واعطاء صبغة وحشية دموية للعنوان الإسلامي ولمبادئ حقوق الأنسان والديمقراطية والسلام. ان خندق الصراع الطائفي البغيض افرز خانات للعنف المسلح، والانتقام المفرط الذي ينتهي بإباحة هذا الشذوذ وممارسة أقذر طرق الإبادة انتهاكا ، هذه السلوكيات الوحشية المنافية للانسانية وللإسلام جملة وتفصيلا لكن ما يدعو إلى الاسف ان بعض وسائل الاعلام ومواقع التواصل الإجتماعي صارت تلاحق مثل هذه الجرائم بصفتها وقائع اخبارية ، وانشطة طبيعية بما يجعل تكرارها واقع حال.
ان داعش لن تزول وصورتها لن تمحى ونجمها لن يأفل إلاّ عندما توضع خطة او منهج لما بعد داعش ومن البديهيّ أنّ هناك تنظيمات متنوعة وقسم منها يحمل افكاراً شوفينية او متطرّفة قريبة من داعش قد تبرز وتتمدّد بشكل او بآخر ،سعيا الى ملء فراغ كبير قد يحصل ومن خلال وجود خلايا نائمة ولديها قدرة هائلة على التأثير والتكتيك الدعائي واستدراج السذج والجهلة ومن خلال بعض الشعارات الزائفة التي يغلفها النفس الديني او العشائري او العرقي وبأدوات إعلامية متفوقة تقود الى اغواء بعض الشباب المستلب فكريا وعقائديا والمحفّز نفسيا حيث يتم تحويله الى المشروع الإرهابي الجديد القديم باعتبارهم بديلا عن الإرهاب الداعشي المهزوم.
ان مرحلة ما بعد داعش هي ليست سهلة وربما اصعب من داعش اذ على كل القوى الخيرة الساعية إلى بناء عراق المستقبل وكذلك الجيش والشرطة والحشد الشعبي والحشد العشائري التي تحرّر الأرض والمواطنين من داعش عليها ان تعي ان التحرير من فكر داعش لا يقل اهمية عن قتال داعش بالاضافة الى ذلك عليها مسك الاراضي المحررة وفرض القانون والنظام فيها, حيث ستظهر الحاجة الى قوات أمنية لمسك المساحات الشاسعة من الاراضي والقرى والقصبات والمدن المحررة وحمايتها من عمليات السلب والنهب والاختطاف والفرهود ومن عودة انشطة التنظيمات الارهابية او ما يعرف بالخلايا النائمة. كما يتوجب بناء البنى التحتية والاهداف الحيوية في المناطق المحررة مثل دوائر الدولة والمدارس والجامعات ومحطات الكهرباء والسدود المائية وانابيب النفط وطرق المواصلات والمصانع والمعامل وغيرها. كما ان مسؤولية ايجاد حلول لمرحلة ما بعد داعش، هي مسؤولية كل الشرفاء وتحديد اهدافها ومتطلبات بنائها هي مسؤولية الدولة العراقية، بالإضافة الى مراكز البحوث والدراسات ذات الصلة والاحزاب ومنظمات المجتمع المدني والوزارات المختصة بشؤون الاعمار والبناء، والخيرين من ابناء شعبنا ولا يخفى على لبيب ان عراقنا العظيم يزخر بالإمكانات المتخصصة في هذا المجال شرط فسح المجال لها دون احكام او تصورات مسبقة وان يكون الفيصل هو خدمة الوطن والدولة بعيدا عن أي انتماء اخر. وينبغي إيجاد منافذ مالية او اقتصادية واياد نظيفة لإعادة اعمار المناطق المتضررة ولعل ذلك يتم بجذب راس المال العراقي المتواجد خارج البلد بمنحه امتيازات خاصة وإيجاد تطمينات للمستثمرين العراقيين بالخصوص بالتعويض والأفضلية مستقبلا حتى في مجال الأسعار والشروط. ولا ننسى اهمية الحوار والتواصل الاجتماعي مع الكيانات المختلفة داخل المناطق المحررة والتاكيد على الوسطية والاعتدال والتسامح في العلاقات وعدم الغاء الاخر وتكفيره وان أي حوار سواء الحوار السياسي او الديني او اي خطوة باتجاه التقدم في المجال السياسي ربما يصطدم بعقبات وخلافات سابقة تعيد الامر الى ماكان عليه ،لكننا نعول على الجهود الخيرة واهمية التواصل بين فئات وطبقات وشرائح المجتمع المختلفة والتي هي حلقة مهمة ومفصلية ربما تسهم في جعل القوى السياسية والقوى الاخرى تقبل بالرضوخ الى ما ينتج عن ذلك التواصل.
إن عراقنا العظيم اليوم امام مفترق طرق وامام تحديات جسام تعطي معالم مستقبل العراق ، إما في اتجاه إصلاحي ، أو إعادة إنتاج الأزمات، وانتظار زلزال إرهابي آخر قد يكون أشد وأكثر فظاعة من داعش.
لقد حان الوقت لان ننظر الى المرآة والى وجه الحقيقة لكي نفهم كيف يمكن أن نستأصل هذا الوجه البشع الحقود الذي ظهر من بيننا ووجد في بلادنا أرضا خصبة ليعيث بشعبنا الابي قتلا ودمارا وسلبا ونهبا، وبيع النساء وانتشار الفساد وغيرها من العلل التي لاحصر لها كما ان القضاء على داعش ومن لف لفها وما سيتبعها من فراغ ووجود قوى وتجمعات وكانتونات ربما غير معروفه كل هذا يستوجب حربا فكرية ونهضة مجتمعية انسانية واسلاماً متنوراً قبل كل شيء يقوم على التسامح الفكري والقدرة على النقد والتحليل وتقبل الاخر .