المنبرالحر

العنف ضد المرأة .. وليد غير شرعي وظاهرة غير حضارية / ناجي محيبس الكناني

لا شك أن العنف ضد المرأة ، ظاهرة عالمية خطيرة لا تصدر إلا عن سيكولوجية مرضية، أدت إلى تعرضها لشتى أساليب الاستغلال الذي لا هم له سوى إرضاء الذات المريضة والرغبات المحمومة والنظر إليها بأنها مخلوق ضعيف ، وهي في جوهرها الحقيقي نصف المجتمع ... فهل يمكن الاستغناء عن النصف؟ وهذا النصف بالضرورة يتأثر، وهو يؤثر بالمجتمع سلباً وايجاباً وتحريره تحريرا جذريا، لا يتم إلا من خلال تحرير المجتمع ، وبتوفير الاجواء والظروف المناسبة والسليمة التي تهيء للمرأة مستلزماتها الثقافية ، والروحية والمادية.
فالانظمة السياسية التي يسودها العنف ضد المرأة أدت إلى لجوء البعض منهن إلى الانتحار وبأساليب متعددة ، تخلصاً من العنف أو قتلهن بدوافع عديدة كالشرف أو الخوف من التهديدات التي توجه إليهن بسبب الزي أو الزواج القسري أو بيعهن لأغراض متعددة واستغلالهن.
أذن فالعنف ضد المرأة بكل أشكاله يصاحبه حجب لحقوقها مما يجعلها تشعر بالغبن ، فأنطلقت في العالم لمواجهة اشرس الأنظمة ضراوة.
كما ان القرارات التي صدرت من الامم المتحدة بدءا من عام 1945 والاعوام المتلاحقة جميعها نصت على مساواتها بالرجل قانونا في اتفاقية القضاء على التميز ضد المرأة (سيداو) والمصدق عليها من قبل عدد من الدول ودخلت حيز التنفيذ عام 1981 حيث انصفتها بعدم التمييز ، والاستعلاء عليها .
فالمرأة تمتلك طاقات لا يمتلكها الرجل أحيانا اذا ما حفزت من خلال زجها في عمليات الانتاج المتنوعة في التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتحصينها من مختلف التيارات الارهابية أو الافكار السامة والدخيلة التي يبثها الاعداء من داعشيين وبعثيين وتكفيرين ، وهذا شيء طبيعي تحتمه المرحلة الانتقالية والتي اعطت الاهمية اللازمة للمرأة ، ليس على المستوى النظري فحسب وإنما وضعتها في أطار التطبيق من خلال مشاركتها في جميع الأنشطة للمجتمع المدني والمنظمات النسوية.
فالنظر إلى المرأة ليس على أساس انها نصف المجتمع فحسب بل ينبغي النظر إليها على ضوء قدرتها على الانجاز والعطاء ، وان لا تكون أكبر مما هو مطلوب منها ففي كلا الحالتين يضر بها ويجعل منها عاجزة أو لا أباليه فبقدر اطاعتها القوانين وأنظمة العراق الفيدرالي الأتحادي الموحد بصفته نظاما وطنيا يحق للمرأة العراقية المطالبة والاعتصام والتظاهر السلمي ضد كل أشكال العنف وآثاره المترتبة عليها ، وما شاهدناه في ساحة التحرير ، وساحة الفردوس ، وداخل المنطقة الخضراء اعتصاما نسوياً واحتجاجا على ما يحصل من عمليات إرهابية ضد النساء والأطفال ومشاركة أخيها الرجل في تظاهرات ايام الجمعة وهي ترفع صوتها عالياً للمطالبة بالاصلاح والتغيير وأنهاء المحاصصة والطائفية كأساس للحكم ومحاسبة الذين التهموا اموال الشعب ، لدليل على إن المرأة العراقية تمتلك القوة ، والطاقة لمقاومة العنف والصرخة المدوية التي أطلقتها (لا للقتل ، لا لخطف النساء والاطفال ، لا لبيعهن بالمزاد العلني في سوق النخاسة) تمثل علامة استفهام كبيرة بقدر العراق. فاصرار المرأة العراقية على الدفاع عن كرامتها وشرفها حتى لا يتعلق مصيرها بين فكي طاحونة الأرهاب وفساد الفاسدين وستتسع وتكبر ساحة التحرير حتى تكون بحجم العراق من شماله إلى جنوبه ويعبر صوتها المدوي نحو العالم الخارجي ومنه يصل إلى النساء المتظاهرات في كل مكان من العالم.