المنبرالحر

الرعد العاصف يتبعه البرق / حيدر سعيد

مرحلة الفوضى التي يمر بها بلدنا ، والمكتظة بالتناقضات والمفاجئات والصراعات، والتي تتزاحم فيها الاحداث وتتلاحق متجاوزة التوقعات والتحليلات ، بحيث لايمكن للمتابع ان يضبط ايقاعها ويلاحق سرعتها ، تطرق ابواب الكتل والتحالفات اليوم دون استأذانها لتؤشر على الحالة المازومة التي تمر بها ،و التي تدلل على حقيقة هشاشة وحدتها الداخلية وركاكة مواقفها الفكرية التي تتبدل بسرعة 180 درجة حالما تشعر ان هناك جديدا يدعو الى الديمقراطية نهجاً ،ويعتمد المواطنة مبدءاً ، رافضاً نهج المحاصصة والتقاسم الطائفي الذي اعتمدته الكتل والتحالفات المتنفذة في ادارة الدولة ،والذي انتج الازمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها وطننا ،ويعاني شعبنا من نتائجها المأساوية المدمرة ، مما دفعه الى التظاهر السلمي الرافض والمطالب بالتغيير والاصلاح ، ليشكل ضغطاً جماهيرياً على تلك الكتل والتحالفات التي حتى الامس القريب تٌظهر تماسكها ووحدتها !!، الا انها في الحقيقة تخفي صراعاً حاداً وتطاحناً على المراكز والمصالح وتوزيع المغانم واقتسام العراق كعكةً ، تتضح تجلياته اليوم بشكل واضح ،قد يفضي الى تشظي وتشرذم وتفكك وانقسام لهذه الكتل والتحالفات . قد يؤدي الى تفسخ وانحلال وذوبان بعضها ، أوقد يخرج من رحمها مولوداً جديداً يقرأ الواقع ويتعامل معه بمعطيات متقدمة، يتجاوز بها العقلية القديمة المتكلسة التي لاتنظر للامور الا من منظار ذاتي وصولي انتهازي ،أو يفرز اشكالاً لاتختلف عن سابقاتها الا من حيث الشكل والشعار، اما الجوهر الفكري فهو كما السابق وكما وصفه المناضل شمران الياسري (ابو كاطع ): ( نفس الحصان بس ايلاله متبدل ) !!او قد يكون مناورة انتخابية غرضها امتصاص نقمة الشارع الذي يمر بحالة جزع وغضب ضد الفساد والارهاب ، قد يصاحبه انفجاراً لايمكن تحديد مساره والسيطرة على نهاياته، او ان بعض قواعدها استفاقت من حالة اللاوعي التي تمر بها من جراء هذا التغييب الفكري الذي مورس عليها، من قبل قياداتها وتحجيم وتقزيم لشخصياتها ، وسلب الارادة حتى اصبحوا كبيادق الشطرنج يتحركون وفق اشارات القيادات .
ان شعبنا الذي ملً اداء كتل وتحالفات المتنفذين ، الذي اوصل البلد لهذا المنحدر الخطير، يتوق الى الديمقراطية نظاما وينشد العدالة الاجتماعية والمساوات في دولة مدنية مؤسساتية ، يكون الحكم فيها للقانون ،
ولذلك فان قانوناً جديداً للانتخابات يلبي مطاليب شعبنا وقواه الوطنية والديمقراطية ، اصبح ضرورة لتجاوز قانون الانتخابات القديم الذي اعتمدته الكتل والتحالفات المتنفذة ،لاستمرارها في الهيمنة على مصادر القرار والاستمرار بنهج المحاصصة الطائفي القومي المقيت، وانتاج مزيداً من الازمات والالام التي تطحن شعبنا .
ان الرعد الذي يعصف بالاجواء الداخلية للكتل والتحالفات المتنفذة هذه الايام حتما سوف يتبعه برق ،يكشف حقيقة هذا الصراع الدائر في داخلها ،ويلقي
الضوء على ابعاده الفكرية ، وليعلم هؤلاء المتنفذون المتكتلون الفاسدون . ان اعاصير الشعوب ستطالهم حتماً مهما طال الزمن .
كما قال شاعر الشعب التونسي ابو القاسم الشابي:
اذا الشعب يوماً اراد الحياة
فلابد ان يستجيب القدر
ولا بد لليل ان ينجلي
ولا بد للقيد ان ينكسر
ومن يتهيب صعود الجبال
يعش ابد الدهر بين الحفر