المنبرالحر

امرأة تبيع الماء/ أبتسام ابراهيم

منذ مدة طويلة، وأنا اسألُ نفسي عن حال النسوة اللائي خلفتهن الحروب والأوضاع الأمنية المتردية بلا معيل , في الوقت ذاته فكرتُ في مئات المنظمات وحملات التبرع التي ترفع شعار كفالة اليتيم وإعالة الارامل !
ومع هذين الطرفين ، وجدتُ حالاتُ انتحارٍ متكررة لنساء قررنَّ انهاء معاناتهن من شظف العيش ، والذهاب الى العالم الآخر بوجهٍ يشتكي الظلم والعوز , يشتكي إهمال الحياة واستغلال اصحاب النفوس الضعيفة لمعاناتهن! سألتُ نفسي مرات عدّة خصوصاً مع كم الرسائل التي تردني عبر مواقع التواصل الاجتماعي في ضرورة ان اتبرع و أن اساهم في رفع معاناتهم ، وبما أننا في بلدٍ ثلثي شعبه مابين نازح و يتيم وفقر مدقع فلا غرابة, امرأةٌ ترمي بأطفالها في قعر النهر ، لتلتحق بهم و أخرى تحرقُ نفسها وأطفالها في ليلة لا يعرف وجعها إلّا الجدران , و قرب بيتها ثلاث مقرات لمؤسسات إغاثة ! وحالات انتحار جماعية وربّما هناك حالات أشد قسوة لم نطلع عليها ، وهذا ما يجعلنا نتساءل : أين تذهب الأموال التي نتبرع بها بين الحين والآخر ؟ أين دور الرعاية الاجتماعية ووزارة الدولة لشؤون المرأة ؟ اين المنادون باسم الرحمة والدين والإنسانية؟؟ لا اريدُ أن اظلم احداً وأقول إن هنالك من يأكل مال اليتيم ظلماً ، لكني متأكدة تماماً،إنّهُ لا يوجد احصائية دقيقة للفقراء في العراق ,فبعض العوائل تخشى ضِعاف النفوس، فلا تصرّح النسوة بفقرهن خشية أن يتعرضن للابتزاز,بعضهن تعرضن لظلم اشقاء الزوج، حيثُ تمّ طردهن من البيوت هن وأطفالهن في تصرفٍ لا يمتّ للمروءة بشيء. كاتبة هذه السطور إمراة عراقية تمرغتْ في معاناة الوطن حتى اذنيها ,تعلمتْ إن العمل شرف وإن الحياة كفاح , بعد عودتها من العمل، محشورة وسط زحمة الطريق ، تطلعتْ بعينين ملؤهما الإكبار والإجلال لامرأة تبيع الماء في الطرقات ..امرأة لم تنتظر رحمة من أحد ولم تتأمل غير لقمة شريفة في أغنى بلدٍ في العالم.