المنبرالحر

الموضوع البؤس الاكاديمي وتسطيح الوعي وغياب الهوية الوطنية / عبد الكريم جعفر الكشفي

1-الفقرة210..(وتزداد الصورة قتامة اذا ما علمنا ان 72في المائة لم يتلقوا تعليما) ..لا يخفى على احد الحد الذي وصل اليه البوس الاكاديمي خصوصا بعد 2003 وسيطرة التحزب والمحاصصة على قطاع التعليم وانتشار الكليات الاهلية والدينية التي اضرت بالتعليم أيما اضرار وانتشرت عمليات بيع الاسئلة الامتحانية وكتابة اطاريح الدكتوراه والماجستير مقابل ثمن وانتشار هذه المكاتب في كل المحافظات وصار الطالب مجرد يحسب سنين للحصول على الشهادة واخذت ظاهرة التعليم الاهلي تأخذ حيزا كبير فكثرت الجامعات الاهلية والدينية ومنافذ الدراسات العليا والمدارس الاهلية التي تملكها القطط السمان... اننا في الوقت الذي يجب علينا أن نحافظ فيه على رصانة جامعاتنا ونعيد إليها الهيبة التي كانت تحتلها.. وذلك عن طريق التوعية والتربية والتنشئة الصحيحة للأسرة والمدرسة كما يبرز دور الدولة والاحزاب الوطنية ودور منظمات المجتمع المدني والخيرين عن طريق قيامهم بتأسيس منظمات طلابية وشبابية لغرض توعية الطلاب والشباب ومساعدتهم في التغلب على مشكلاتهم والقضاء على البؤس الاكاديمي وسيطرة انصاف المتعلمين على مرافق الجامعات وابعاد الحرم الجامعي ووزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي وكل المدارس عن المحاصصة الحزبية والطائفية والاهتمام بالتعليم ونشره في جميع المراحل وبغض النظر عن العمر والجنس ولا ننس اهمية اعادة كتابة المناهج وفق متطلبات المرحلة وان تكون موادها علمية رصينة هادفة تستوعب كل مكونات الشعب العراقي.. وتأتي اهمية التعليم لأنه النور الذي ينير طريق الحرية ويبني صروح العلم والتقدم بجميع أنواعه، اضافة الى الاهتمام بشؤون الاسرة والمرأة للمساعدة في ايجاد التشريعات التي تأخذ بيد الاسرة التي تعاني مشكلات واضحة على الساحة الاجتماعية.
اما ما يخص تسطيح الوعي فان الشعب العراقي حين تفرض عليه ثقافة الاستهلاك فإنه يفقد القدرة على الإنتاج الحضاري، بحيث تصبح تلك الثقافة من أدوات التخدير لوعي الشعب بالحرية والنظام والعدالة والاستقلال.
إن عراقنا العظيم اليوم يعاني مشكلة التجهيل وتدهور الوعي منذ زمن النظام السابق، وعندما انقلب النظام السابق على انجازاته العلمية، والثورة التعليمية، والقضاء على الأمية، ونشر مجانية التعليم وصولا إلى الجامعة، ونشر الوعي الثقافي في ربوع العراق، وبدأ يهدم انجازاته ويُخربها من خلال عسكرة الشعب العراقي خدمة للحروب العبثية، والمنازلات الخاسرة، وما حدث بعد 2003 هو امتداد لتلك الحقبة البغيضة حيث زاد البؤس الاكاديمي والمعرفي وسطح الوعي بشكل لا مثيل في العالم ودول الجوار
الفقرة356..(اعادة اصطفاف في العلاقات واعادة ترتيب اوضاعنا الداخلية وتعزيز الوحدة الوطنية)
ولما كان الإنسان العراقي ليوم المسكون بهاجس الأمن المفقود وانتشار الفساد والمحسوبية والطائفية والمحاصصة والمأخوذ بوازع الحاجة المستديمة، قد أسلم زمام أمره إلى من يعتبرهم علية القوم وسراة المجتمع، فهو لم يعد يهمه أمر البحث عن معالجات واقعية أو مفترضة تتيح له التعاطي مع ظاهرة الاستعصاء والانكفاء وفقدان الهوية الوطنية التي لم تبرح ملامحها الضبابية تداعب أطياف مخيلته المفعمة بالأماني المفقودة والآمال المغيبة.. إن التورط في انتهاج مثل هذا المنحى والمنزلق الخطر، سوف لا يؤدي فقط إلى تقويض أي مسعى أو مبادرة تستهدف بناء الهوية الوطنية على أسس قوية وقواعد راسخة، تستلهم طبيعة الواقع الاجتماعي وتستوحي مواريث رموزه وفكرياته فحسب، بل وكذلك تسهم في استفحال شدّة الاستقطابات الجهوية، وزيادة حدّة الحساسيات الاثنية، وارتفاع معدل الصراعات الاجتماعية . والواقع إن محنة تصادم الذهنيات، وبالتالي تبعثر الانتماءات وجعل الولاءات حول مفهوم الهوية، سوف تبقى قائمة، لا بل مرشحة لأن تستولد الكثير من المشاكل وتطرح المزيد من الإشكالات، إن على مستوى الحاضر وما يتناسل في رحمه، أو على صعيد المستقبل وما يجيش في أفقه، ما لم تتم اعادة ترتيب الأولويات المفهومية وتستأنف جدولة الضروريات الإجرائية، التي من خلالها يتاح لمكونات المجتمع العراقي بلوغ هذا الحلم العصيّ على التحقيق . ولذلك فان أي حديث عن الهوية العراقية، لاعتبارها حقيقية جوهرية ثابتة كما يشيع البعض سيبقى محض ادعاء صعب المنال.
ولا يمكن لنا إنتاج المجتمع الوطني الذي ينظر الى الهوية الوطنية باعتبارها حجر الزاوية إلاّ على وفق حزمة من قيم المساواة والتكافؤ والعدالة والحرية وعلى وفق مبادئ المواطنة والديمقراطية والتعايش والتسامح وسماع الراي وعدم إلغاء الاخر .. فهذه القيم والمبادئ هي الأسس القادرة على إيجاد إطار تعايشي بين الأعراق والأديان والطوائف المختلفة، وهي القادرة على إنتاج مجتمع وطني متوحد فعّال يؤمن بأهمية الهوية الوطنية وبإقرارها واحترامها وتفعيلها سياسياً وقانونياً وثقافياً تنتج الروح الكلية للمجتمع على تنوع مكوناته، وعلى أرضية هذه الروح الكلية الناتجة عن الجميع والمحققة لمصالحهم تنتج الهوية الوطنية، وهو ما يشكّل الأساس الطبيعي لقيام الدولة، باعتبار أنّ الدولة هي الجماعة السياسية الوطنية. لعل من المناسب بداية أن نقرر مبادئ عامة نحتكم إليها في مسعانا لتحديد مقومات الهوية الوطنية. وهي المبادئ التي يمكن حصرها بالآتي:
1. أن تكون الهوية منسجمة مع معطيات الفكر السياسي والقانوني الحديث الذي يستند إلى قاعدة المواطنة بوصفها معيارا جوهريا ومبدأً قانونيا في تأمين المساواة في الحقوق والواجبات لجميع أبناء الشعب ممن يحملون هذه الهوية ودون تمييز.
2. أن تكون الهوية معبرة عن الواقع الراهن للشعب العراقي بوصفه كلاً غير قابل للتجزئة. بمعنى أنها لن تكون انعكاسا لتصور فئة ما دون غيرها. وهذا يجعلها هوية وطنية بحق وليست تعبيرا عن موقف سياسي ضيق.
3. أن تكون الهوية عامل توحيد وتقوية وتفعيل للحراك السياسي الاجتماعي والاقتصادي في البلاد على الأسس الواردة في المبدأين أعلاه، وأساسا راسخا لتعزيز الكيان السياسي الموحد للدولة واستكمال بناء مؤسساتها المعبرة عن وحدتها من جهة واستعادة سيادة البلاد ومواصلة دورها الإقليمي والدولي من جهة أخرى.. لكي يتحقق هذا الحلم النبيل، حلم الهوية الوطنية العراقية، فإن ذلك يتطلب حوارا معمقا ومتواصلا بين المثقفين والباحثين والساسة وأعضاء مجلس النواب وأن يكرسوا جلسات خاصة لهذا الموضوع الحيوي من أجل صوغ مفهوم للهوية الوطنية العراقية التي تحفظ للعراق وحدته وتفتح أمام أبنائه كافة سبل العمل الحقيقي المثمر. وهو المفهوم الذي سيجد كل مكون من مكونات الشعب العراقي نفسه فيه دون إلغاء وتهميش للآخرين. كما أن من شأن هذا المفهوم أن يتحول، من خلال الممارسة، إلى نسق فكري شامل ومعبر عن أهم ما يتميز به العراقيون. ولعل من المناسب أيضا أن ندعو إلى مشاركة فعالة لوسائل الإعلام ولمؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية والبحثية والاحزاب كما ندعو إلى أن يكون هذا الموضوع على رأس الأولويات كما إن على الأحزاب الوطنية والمواطنين والمثـقفين والساسة وكل من لـه اهتمام بالشأن العام أن يتبنوا هذه الهوية عن قناعة ورغبة، وأن يعملوا على تجسيد إيمانهم بهوية العراق الوطنية في السر والعلن، ومن خلال الخطاب والممارسة معا، وليس عبر الشعارات فقط.