المنبرالحر

إجازة الموظفين وسلبياتها الإقتصادية / واثق الجابري

إقترحت الحكومة العراقية منح موظفيها الراغبين؛ بالإجازة 5 سنوات براتب أسمي وخدمة؛ لتلافي الأزمة الإقتصادية ورفع الموازنة الإستثمارية مقابل التشغيلية ورفد القطاع الخاص، وثمة شكول تعتقد بنتائج عكسية على الأقتصاد العراقي في حال تطبيق التجربة.
توصف الدولة بالترهل والبيروقراطية والروتين والوظائف بلا بمرر لزيادة الإنتاج، ومايقارب 4.5 مليون موظف، ورواتب لشرائح آخرى قد تزيد على 50% بمجوعها من نسبة السكان.
تُقدر ساعات العمل من 17-27 دقيقة يومياً؛ مع ترهل وظيفي غير مسبوق، وحلقات إدارية لا تُزيد المؤسسات إلاّ روتيناً وضياع وقت المواطن وإهدار المال العام والخاص، وحلقات لزيادة الفساد، ووظائف غير مجدية تتفاوت مخصصاتها، التي تزيد على ثلثي الرواتب الأسمية بمعدلها.
ما تزال سياسية الدولة مبنية على هرم مقلوب لزيادة الإنتاج، وإعطاء المخصصات الأكثر للوزرات الإنتاجية أضعاف الخدمية، ومهندسان تخرجا من نفس الكلية؛ مَنْ يعمل منهما في النفط أو الكهرباء؛ أضعاف مخصصات مَنْ في الصحة والتعليم، وتفاوت في المخصصات داخل المؤسسة نفسها والزيادة كلما إقترب الموظف من مكتب المدير، وكأن للموظف المعني فضلاً في إيرادات الدولة وبنوية مجتمعها.
عند تطبيق القرار المعني بالإجازات الطويلة؛ سيسعى موظفون من أعمال شاقة وهامة، أو من لا تكفيهم الرواتب ومَنْ يتعرضون لضغوطات إدارية مقصودة الى طلب الإجازة وربما يُجبر بعضهم عليها، فيما لا تنفع موظفين عملهم لا يتجاوز الساعات بين شرب الشاي والإنشغال بالإتصالات الشخصية؛ أو من يستغلون وجودهم الوظيفي لإبتزاز المواطن، ويكون للمدراء دور ضمن الصلاحيات الممنوحة بالموافقة على الإجازات؛ ما يعني فتح باب للمحسوبيات والفساد، وإجبار موظفين فوق طاقتهم الإنتاجية.
إن الشروع بمثل هذا القرار يحتاج الى قاعدة بيانات؛ لرصد أهمية المؤسسة وتعلقها ببناء الدولة لا بإنتاجها المادي، وكيف يمكن التعامل من مؤسسات تشكو بالأساس من نقص ملاكاتها ورواتبها كالتعليم والصحة؛ ثم أين يجد المجازون فرصة للعمل بين بطالة تصل الى 31% من الأيادي العاملة؟! وبدل أن نفكر بإعطاء الإجازة؛ لنعيد قراءة متطلبات المرحلة وخفض سن التقاعد.
صحيح أن الوظائف في مؤسسات كثير اضعاف مضاعفة من الحاجة الفعلية، ولكن سوء التخطيط والتوزيع والمحسوبية؛ أتخم بعض المؤسسات موظفين ومخصصات وقلة عمل.
منح الموظفين إجازة يعني إنخفاض دخل شريحة كبيرة، وهذا ما ينعكس بالسلب على القطاع الخاص وإقتصاد الدولة، وهذه الطبقة الوسطى كلما إرتفع دخلها تحرك السوق، وبإجازة الموظفين؛ مزاحمة عاطلين عن عمل في شُحَهَ من جانب، ومن آخر سيكون مخلصيهم أول المتهافتين على الإجازة؛ كونهم يرون تمايز العمل وغياب عدالة المخصصات والترقيات؛ مقابل من لا يبذلون إلاّ التقرب من رأس السلطات، وبذلك يكون للقرار تأثيرات سلبية؛ أن لم تك له قواعد مستندة على تفعيل القطاع الخاص، وهذا لا يمكن بليلة وضحاها، ودون سن قوانين سلم رواتب للموظفين مع مخصصات متساوية على أساس الشهادة والخدمة لا على إيرادات المؤسسة، وقد نستطيع الإستغناء عن الكهرباء يوماً، ولكن لا نستغني عن علاج حالة طارئة.