المنبرالحر

وجهة نظر مستوحاة من الوثيقة التحضيرية للمؤتمر الوطني العاشر( الجزء الاخير) / القاضي علي الحميدي

مدنية الدولة واحكام الشريعة
المحور الثاني: الدولة العراقية منذ التأسيس في عشرينات القرن الماضي لم تصدر قوانين تخالف فيها احكام الشريعة الاسلامية على الاقل من الناحية النظرية والحكام الذين خالفوا احكام الشريعة فقد خالفوا ايضا قيم الديمقراطية ومبادئ العدل وهم من حيث المال فقدوا الشرعية والحديث عن الافراد فمعظمهم نال جزاءه العادل وذهب غير مأسوف عليه. الحديث هنا عن فلسفة الدولة العراقية التي ما كانت يوما تعادي الاسلام لكي يصار الى الانجرار وراء التخرصات الرخيصة لدى اصحاب الحوانيت، ورحم الله جمال الدين الافغاني عندما تحدث عن حوانيت تجارتهم هذه وعن استخدامهم الدين ادوات يصطادون بها مآربهم وفرائسهم كما يستخدم الطير الجارح – الشاهين – في اصطياد الاغراض فقال مخاطباً احدهم:
قد يفتح المرء حانوتا لمتجره
وقد فتحت لك الحانوت في الدين
صيرت دينك شاهيناً تصيد به
وليس يفلح اصحاب الشواهين
فالفرق واضح بين دولة لا تخالف الدين وحكام مستبدين من جهة و من جهة اخرى متصيدون في الماء العكر يستغلون انحراف بعض الحكام لاسقاط الدول ولاقامة سلطة الحق الالهي الاكثر بعدا عن الاسلام. والدولة العراقية منذ تأسيسها حرصت في اغلب تشريعاتها ليس فقط على ان لا تختلف مع مقاصد الدين، بل شددت تشريعاتها في اكثر من نص على الاسترشاد باحكام الشريعة عند غياب النص بشرط ان يكون الاسترشاد بالنص الشرعي الاقرب الى العدالة دون التقيد بمذهب من المذاهب والسبب ان احكام الشريعة الاسلامية ليست كم مهمل او متروكة فهي حاضرة في ذهن المشرع العراقي على الدوام، ولانها مصدر من مصادر التشريع العالمي منذ ثلاثينات القرن الماضي منذ انعقاد مؤتمر القانون المقارن المنعقد في لاهاي سنة 1932 حيث اقر ان الشريعة الاسلامية هي احدى الشرائع الاساسية التي سادت العالم ولا تزال تسوده كما ان الدورة الثانية للمؤتمر المذكور المنعقد في لاهاي ايضا سنة 1937 قرر بالاجماع اعتبار الشريعة الاسلامية مصدرا من مصادر التشريع في العالم وانها قابلة للتطور وقائمة بذاتها.
وفي عام 1948 انعقد مؤتمر المحامين الدولي في لاهاي ومن ضمن قراراته اعترافاً بما في التشريع الاسلامي من مرونة وبما له من شأن مهم يجب على جمعية المحامين الدولية ان تقوم بتبني الدراسة القانونية لهذا التشريع والتشجيع عليه. وفي عام 1951 عقدت جمعية الحقوق الشرعية الدولية مؤتمرا في كلية الحقوق في جامعة باريس بعنوان اسبوع الفقه الاسلامي وبالإجماع اتخذت جملة من القرارات منها: (ان مبادئ الفقه الاسلامي لها قيمة حقوقية تشريعية)، وكان للعراق دور في هذا النشاط. اذن لا توجد مشكلة بين مدنية الدولة والدين الا في العقول المتحجرة على ما هو موجود من اوهام كي تحتكر الدين لها وتسيسه لمصلحتها هي فقط، وهذا ما تشهد به التجربة التاريخية، فالجمود مع الخديعة والفرية هو دينها وديدنها على الدوام و انها تجيد اختيار الساحة والسلاح الذي تصطاد به المغرر بهم وتجمع حولها كل ذوي النوايا السيئة والاغراض الدنيئة وتقاتل الخصوم في معركة غير متكافئة هي من تملك فيها ادوات التفوق اللا مشروع ومن ادواتها اللا مشروعة ان تضع الخصم في موضع المعادي للشريعة الاسلامية وهي تتمترس حول هذه الخديعة في حين لا مشكلة الا معها هي بالذات لان مناط الشريعة ومبناها واساسها مصالح الناس وكل مسألة خرجت عن العدل الى الجور وعن الرحمة الى ضدها وعن المصلحة الى المفسدة فليست من الشريعة فان دخلت فيها بالتأويل فذلك من صنيعة ارباب الاهواء الدنيئة، فالشريعة عدل وما دامت كذلك فهي ليست سلطة بيد المستبد والمتسلط سواء كان رجل دين او رجل دولة فهي حق للمحكوم حصرياً اي حق للشعب في دولة العدل، هذا من حيث المبدأ ومن حيث الغاية التي تهدف اليها السماء وارادة السماء هذه هي منذ الازل وهي تأكيد على سعي الانسان الدائب من اجل التوصل الى المجتمع القائم على دعائم من الفضيلة والعدل والتقدم نحو الافضل، وكل ما هو لخير الانسانية لا يصطدم ورسالات الاديان السماوية وفي المقدمة الاسلام وفكرة العدل والتحسين والتقبيح عند الفلاسفة المسلمين المرتبطة بفكرة الوحي السماوي ومستمدة من هذه الفكرة وهي لا تختلف عما لدى الفلاسفة الغربيين من اتباع نظرية القانون الطبيعي، ففكرة القانون الطبيعي تعني انه القانون الازلي الشامل الذي يضم مجموعة من القواعد السامية العامة الخالدة التي توحي بمقاييس مطلقة للحق وللعدل، ليس من خلق الانسان وانما وليد قوة مهيمنة غير منظورة يستطيع العقل الكشف عنه للاهتداء بمبادئه ويكون المثل الاعلى الذي يجب على المشرع تقريب احكام قانونه الوضعي من مفاهيم قواعده ومن هذا التزاوج الموضوعي الذي لا يتعارض مع الدين استنبط المشرع العراقي الوضعي الحديث الصيغ التقنينية بمعنى آخر ان المشرع العراقي اقام تقنيناته على اسس من الشريعة الاسلامية واحدث القوانين العصرية وهذا هو ما يميز الدولة المقامة على العدل وقيم السماء وغير المتعارض مع طموح الانسان نحو الافضل عن سلطة الحق الالهي. لهذا فان هذه السلطة غالبا ما تمحق مبادئ العدل الالهي ومن يشك في هذه النتيجة فما عليه الا ان ينظر الى سلطة الحق الالهي في الاسلام وفي المسيحية عبر التاريخ ومذا فعل اصحابها، فسلطة الحق الالهي بطبيعتها وطابعها شر مطلق لانها تقوم من حيث المبدأ على الاستبداد وسلب حق الافراد الا حق الفرد الاوحد لانها لا تستمد سلطانها من الشعب وفلسفتها قائمة على نظرية هي بالضد من الديمقراطية، فالديمقراطية في نظرهم ان كانت تعني سلطة الشعب فهي كفر والحاد فنحن اذن امام مفترق طرق اما سلطة هذه فلسفتها في الحكم واما دولة مدنية ديمقراطية حاكمها منتخب من الشعب، ومن الواضح كل الوضوح ان المعركة ليست معركة ضد الدين كما يصورها ذوي الرؤوس الحامية والافكار الخاوية بغية اصطياد المغفلين.
المحور الثالث: مفهوم الشريعة الاسلامية
وهذا المفهوم يحتاج الى تفكيك ونحن في خضم معارك دعاة الدولة المدنية الديمقراطية التي يسعر اوار هذه المعركة ويأجج نيرانها دعاة سلطة الحق الالهي لانني ارى تفكيك هذا المفهوم الآن وهو ضرورة وطنية ملحة لابطال احد اهم الاسلحة التي يقاتلون فيها لصد طموحات ليس الانسان المعاصر المشروعة وانما لكسر ارادة وطموح المؤمنين بمشروعية الدولة المدنية وصدهم وتصديهم للشأن الديني والسياسي العام من خلال تصويرهم الدولة المدنية التي ينشدها كل طلاب الخلاص من كارثة تسييس الدين التي جرت الويلات بعد الويلات على الوطن ومستقبله الواعد الذي بوجودهم ما عاد واعداً وبانها بحسب عقيدتهم تخالف مبادئ الشريعة الاسلامية وعليه بالنسبة لنا لا بد ان نبدأ من هذه الكلمة التي هي الآن الاكثر شيوعا على السنتهم يرددونها بمناسبة ومن دون مناسبة من دون ان يدركوا ان هذه الشريعة التي ينادون بها ليل نهار، وبالعودة اليها هي ليست كلها من الله فهم حين يتحدثون عن هذه الشريعة وفي ذهنهم انها حكم الله، ومن اقوالهم بشأنها ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون، والشريعة التي يعنون هي ليست شرع الله من دون زيادة او نقصان وهم والحالة هذه لم يفقهوا ما يقولون لانهم يخلطون بين ما هو من السماء وبين استنباطات الفقهاء ويضعون كل هذا الخليط في سلة واحدة ويطلقون عليه اسم الشريعة الاسلامية جزافا وينادون بتطبيق الشريعة وتكفير من يؤمن بالقوانين الوضعية، من دون تفريق بين ما هو من القرآن والسنة وما هو من صنع الرجال، اي احكام الفقه، وهي الاحكام المسنبطة التي ليس عليها اجماع وهي التي يريد كل اصحاب مذهب فرضها على اصحاب المذاهب الاخرى الذين لا يؤمنون بها، وعلى الجميع ايضا مسلمين وغير مسلمين في دولة معينة او في جميع الدول التي يستطيعون الوصول اليها وكل حسب رؤيته المذهبية والمذاهب متعددة والله واحد احد، وهذه الآراء المذهبية المختلفة والمتخالفة هي التي يطلق عليها مصطلح الفقه مما يعني ان هناك قرآنا موحى به من السماء وفقها من صنع الرجال مجموع كل هذا يسمونه اليوم (الشريعة الاسلامية) وكل ما في ذهنهم ان هذه القواعد الفقهية المستنبطة من قبل كل فقيه حسب اجتهاده هي احكام الله ويقدسونها ويسمون القوانين المدنية حتى المستقاة من النصوص الشرعية قوانين وضعية اي انها لا ترضي الله حسب اقوالهم المأثورة، بمعنى ان القواعد الفقهية هي التي فقط من الله لان مصدرها الفقيه المعتمد لدى هذه الجماعة او تلك وهي القوانين الالهية وما عداها قوانين وضعية فيطلق عليها قوانين كافرة ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون من دون ان يدركوا ان هذه القواعد الفقهية شيء واحكام الله شيء آخر وانهما امران متمايزان في الطبيعة والمصدر، فالاسلام عقيدة والفقه صناعة، والعقيدة تدعوا المسلمين الى الاقرار بإلوهية وربوية الخالق والتصديق بالوحي وبرسالة الرسول محمد والايمان باليوم الآخر وبالبعث والحساب والايمان بان من عمل عملا صالحا نال الثواب في يوم الحساب ومن ارتكب في الدنيا ذنباً حاسبه الله عليه في يوم الحساب، وهذا يعني ان لا سلطة دينية في الدنيا لان الاقرار بوجود سلطة دينية تحاسب وتعاقب في الدنيا عدا الحساب في الآخرة. ويعني هذا ان دعاة الدولة الدينية بغض النظر عن النوايا هم من حيث النتيجة قد تجاوزوا عمليا على صلاحية الله التي هي صلاحيات حصرية له دون سواه، واستعملوا تنصيب انفسهم عوضاً عنه في الدنيا قبل الآخرة وألغوا ايضا سلطة الله في كونه يعفو عن من يشاء ويعاقب من يشاء ويغفر لمن يشاء ويتوب على من يشاء وهو الرحمن الرحيم.
نقول هذا ليس من باب الخوض في شأن ديني صرف وانما هو حجاج ودفع شرعي لدعوى المدعين بالدولة الدينية والمتمترسين خلف اسوار سلطة الحق الالهي والممسكين بتلابيب ما يسمونه الشريعة الاسلامية لاخضاع الناس إلى سلطان الفرد عوضاً عن عبادة الواحد الاحد وشتان ما بين شرع الله وشريعة السلطان ومشروعية احزاب الاسلام السياسي المناوئين لقيام الدولة المدنية والديمقراطية باعتبارها من وجهة نظرهم منافية لاحكام الله.
فقط اردنا ان نقول لهؤلاء ان الدولة الدينية هي المتعارضة مع ثوابت الاسلام ومتصادمة مع حق الله في اقامة العدل يوم الحساب، وان الشريعة مفردة لغوية معناها شريعة الماء التي تروي العطشان واصطلاحاً هي الشريعة التي تروي عطش المسلم لمعرفة الله حق المعرفة حين يأتي اليها. اي عطش معنوي وليس تعطش للسلطة والتسلط وهي تختص بالمؤمن كفرد ولا تعني ان هناك وسيط او حاكم او مسيطر او وكيل عن الله، فالقرآن الكريم يقول هذا لمحمد الرسول فما بالك فيمن هو دون الرسول من رجالات العصر الحالي. اذن الشريعة الاسلامية اصطلاحاً تعني ارواء عطش العطشى الى معرفة الله ومعرفة الصراط المستقيم والطريق القويم وكل هذه الامور قلبية مثل الايمان وما دامت قلبية فلا تحتاج الى سلطة قمعية، هي دعوة الى الهداية وليست شرطي وهرواة. ان الشريعة هي الطريق او النهج وهي الطريق الى الله وان دين الله يمكن ان يقال له شرع الله لكن الشريعة الخليط التي ليست كلها من الله لا يصح فيها ان تكون بديلاً عن شرع الله الذي هو ايمان والايمان يحتاج الى اقناع وليس الى قمع او ارهاب.. ودعاة العودة الى الشريعة اليوم حين يدعون الى ذلك انما الذي يسمونه القوانين الاسلامية ويتعمدون الحديث عنها بانها الضد المطلوب ضد ما يسمونه القوانين الوضعية وقوانينهم هذه مأخوذة في معظمها من الفقه وهي ليست الا تراث فقهي ابدعته القريحة المذهبية وصاغته اقلام الفقهاء وموضوعه هذا الذي يسمونه مجازاً او جزافاً قوانين اسلامية هو ليس من الدين كما اسلفنا وهي خليط من المعاملات والعبادات فما هو من العبادات لا يحتاج الى سلطة تفرضه فرضاً على العباد وما هو من امور المعاملات فهو يخص الانسان فالعبادات دين لانها تختص بالله وحده وهي تمثل وضعا الهيا وثوابت عبادية ولا علاقة لها بالرأي والاجتهاد ولم يختلف فيها المسلمون لانهم لا يختلفون في الدين ولا يصح ان يجعلوها مادة للرأي اذ لا مساغ للاجتهاد في مورد النص. اما قوانينهم المسماة اسلامية فهي قوانين سن قواعدها الفقهاء في ظروف سياسية ومادية وفكرية وتعج بالاختلافات وكل منها محدد بمحدداته التكوينية التابعة من المحيط المضطرب والعاج بالمتناقضات وهي والحالة هذه لا بد ان تكون مشمولة بقاعدة تغيير الاحكام بتغيير الازمان حتى وان كان اصحابها قد استرشدوا حين وضعوها بالقواعد والوصايا العامة لهذا رأينا مفكرا مثل الجرجاني قد نبه الى ان الفقه هو علم مستنبط بالرأي والاجتهاد ويحتاج الى النظر والتأمل كما ان جميع العلماء من رجال الدين المسلمين يسمون الله الشارع ومنعوا ان يسمي الله فقيهاً وهذا الفارق بالتسمية لوحده يكفي للدلالة على ان قول الفقيه ليس تشريعاً كقول الله واكثر من ذلك لدينا من عصر النبوة شواهد تفرق بين رأي الرسول والوحي اذ وجدنا في حالات عديدة ان الرسول ذاته حين يطرح الامر يبادر المسلمون الاوائل إلى سؤاله عن طبيعة الامر الذي طرحه أهو الوحي يا رسول الله أم هو الرأي والمشورة؟ فان كان الوحي عملوا به أما اذا قال لهم الرسول انه الرأي والمشورة عندها يصبح من حقهم ان يقولوا له نعم او لا ويناقشوا الرسول، والسيرة النبوية حافلة بالامثلة التي خالف فيها المؤمنون رأي الرسول كما حصل في اختيار الموقع لمعركة بدر من قبل الرسول وحين علموا من بعد السؤال ان هذا الاختيار رأي شخصي من قبل الرسول وليس وحياً اقترحوا سواه وخالفوا الرسول في الاختيار وكان لهم ما ارادوا وتغير الموضع القتالي. وهكذا مما يعني وجود تميز بين اقول الرسول وفرق بين ما هو وحي من السماء والنبي نفسه قال (ما كان من أمر دينكم فلي وما كان من أمر دنياكم فانتم اعلم به) هذا يثبت ان الدولة الدينية ليست من الله وهذا الخلط بين الدين والسياسة ليس ديناً لأنه خلط ليس مصدره السماء. ويقول بهذا الخلط الدكتور محمد عمارة وهو من المفكرين الاسلاميين المعاصرين في مصر: (واذا كان الامر كذلك فاية مأساة تلك التي يوقعنا فيها هذا الخلط الذي اشعناه في حياتنا السياسية والفكرية والدستورية بين الشريعة والفقه أي بين الدين والقانون، بين الثوابت المقدسة والمتغيرات الخاضعة للرأي والنظر والتطور دائماً وابداً. وان هذا الخلط قد صور للبعض ان لدينا قوانين وتشريعات وقوالب جاهزة ومقدسة وإلهية وان المطلوب هو صب حاضرنا فيها): د. محمد عمارة – قضايا العصر – ص 96.
الخلاصة: 1- ان خلط الدين بالسياسة هو كخلط الماء بالنار وبالتالي فلا ماء ولا نار وتجربة العراق منذ 2003م وحتى الآن وما نجم عن ما اصطلح على تسميته بالربيع العربي، كلا التجربتان تؤكدان فشل الاسلام السياسي فشلاً ذريعاً لا ينفع معه الترقيع ولا المكابرة والتبرير.
2- بالنسبة لنا نحن في العراق تأكد عملياً ان ما يسمى بالعملية السياسية الراهنة ما هي الا عملية ركوب القطار الخطأ وهذا القطار يسير بالاتجاه نحو المجهول الكارثي بسرعة جنونية جامحة والوضع منفتح على اسوأ الاحتمالات: هذه نظرة موضوعية لا صلة لها بالتشاؤم او التفاؤل ما لم يتم ايقاف القطار سلمياً ان كان بالطرق التقليدية المعمول بها الآن او اذا تطلب الأمر يصار الى التعبئة العامة نحو اعلان العصيان المدني العام والمفتوح والسلمي ايضاً اذ لا أمل في ظل المعطيات المتوفرة في الظروف الراهنة الا العمل بالوسائل السلمية المتاحة وعلينا ان لا نتوهم ان الاصلاح او التغيير يمكن ان يحصل من داخل القطار لا من خارجه اذ لا جدوى ترجى من العمل مع الركاب من داخل العربات او الكتل والتكتلات ما دام القطار يسير نحو الهاوية وما لم يتم ايقافه فكل ما هو اسوأ متوقع فلا أمل في ان يتوافق ركاب العربة - أ - مع ركاب العربة – ب – ولا يفضي الأمر الى حلول ان أنتقل ركاب العربة الخلفية الى العربة الامامية فلن يتحولوا الى تقدميين فالخلل بنيوي واكيد ان كل شيء متهرئ وسنستمر جميعاً كمن يحرث البحر او يطارد خياله وكيف لنا ان نتصور أن نظام المحاصصة من الممكن التخلص منه ومنها وامامنا تجربة وزارات الظرف المغلق والرد عليها في اجتماع 11 وصدور ما سمي بميثاق الاصلاح المعلن فيه صراحة التمسك بقانون المحاصصة؟ اذ لا اصلاح من داخل العملية السياسية المتهرئة ما لم تتغير العملية من خلال العودة الى الدولة الوطنية فسوف نكتشف آجلاً أم عاجلاً أننا نطارد الوهم.
وختاماً الأمل موجود والثقة بالجماهير عالية وبلا حدود.
وهذا رأي مجرد رأي أعتقد أنه الصحيح إلا أنه يحتمل الصواب قدر احتماله الخطأ، اما اليقين فلا يقين وانما اقصى جهدي ان اظن واحدس.