المنبرالحر

المحكمة الاتحادية العليا تشدد على منع التغيير السكاني في العراق / زهير كاظم عبود

صدور قرار المحكمة الاتحادية العليا المرقم ( 65/ اتحادية / 2013 في 23/ 7 /2013 والقاضي بتفسير نص الفقرة ( ب ) / ثالثا من المادة ( 23 ) من الدستور العراقي النافذ جاء كاشفا وليس منشئا ، حيث أكد القرار على أن النص الدستوري القاضي بحظر التملك أي المنع المشدد لاغراض التغيير السكاني جاء منسجما مع المبادئ العامة التي نص عليها الدستور في باب الحريات والحقوق ، وضمن باب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، ومنسجما ايضا مع حماية الملكية الخاصة والصيانة التي يوفرها الدستور لحقوق هذه الملكية والتي يحق بموجبها للمالك الانتفاع بها وا?تغلالها والتصرف بها في حدود القانون ، ومع ان نفس الدستور منح الحق للعراقي بالتملك في اي مكان في العراق بالنظر لعدم وجود موانع قانونية ، ومعنى هذا ان هذا التملك مطلق يجري على اطلاقه مادام الهدف من هذا التملك قانونيا ووفق مفهوم الملكية الخاصة التي يحميها الدستور والقانون.
وبهذه الموازنة يحقق الدستور مبدأ المساواة بين العراقيين دون تمييز كما انه يؤكد قاعدة حق الفرد في الامن والحرية والتملك . الا ان هناك خطا احمر نص عليه الدستور ضمن النص المذكور اعلاه ، ومنعا قانونيا قائما فيما لوكان هذا التمليك من اي شخص او مجموعة بشرية تم اجراؤه وفي اي مكان سواء كان المكان قرية او ناحية او قضاء او محافظة او اقليم بقصد التغيير السكاني دون تحديد آلية التمليك وشكلها .
كما تفقد عملية التمليك قاعدتها القانونية وان تمت بالشكلية التي يوجبها القانون ، ومادامت قد فقدت ارضيتها القانونية التي تستند عليها ، فانها تصطدم بنصوص دستورية وقانونية آمرة تصل قوتها القانونية الى درجة ان يتم اعتبار هذه التصرفات باطلة لاقيمة لها مع كل ما ينص عليه القانوني من ضوابط التصرف المخالف للقانون وما يلحق به من التزامات قانونية .
وأوضحت المحكمة الاتحادية العليا أيضا أن هذا التغيير السكاني الممنوع قانونا يهدف الى جميع اشكال التغيير سواء كان هذا التغيير دينيا او قوميا او مذهبيا او أثنيا مادام الهدف الاساس من هذا التمليك هو بقصد التغيير السكاني ، وهنا يكون الهدف من التمليك هو الاساس الذي يحدد ما اذا كانت عملية التمليك منسجمة مع القانون والدستور أم انها تخالف الحظر الدستوري والمنع القانوني ، وهذه العملية لاتنسجم مع مبدأ الحقوق والحريات ، وتعديا صارخا على الخصوصيات القومية أو الدينية أو الأثنية أو المذهبية ، ومن هذا المنطلق واستنادا?لهذا النص الدستوري ، وانسجاما مع قرار المحكمة الاتحادية العراقية العليا فأن جميع التصرفات الناقلة للملكية بأي شكل من الأشكال تعد باطلة ومخالفة للدستور مادام الهدف منها التغيير السكاني ، مما يوجب أن يقوم القانون بفعله في الغاء وابطال هذه التصرفات الناقلة للملكية ، بالإضافة الى ان قرار المحكمة الاتحادية الذي يكشف عن قرار المنع هو قرار بات لايقبل الطعن التمييزي ، ويعد نصا يوضح ويفسر الغاية والهدف من نص الفقرة ( ب/ ثالثا ) من المادة ( 23 ) من الدستور .
وبالرغم من أن قرار المحكمة الاتحادية جاء ليؤكد على الالتزام في تطبيق النص الدستوري ، الا انه يعد انتصارا للمبادئ الاساسية التي جاء بها الدستور ، كما يعد ايضا انتصارا للتجاوزات والتعديات المبرمجة والممهدة لتنفيذ عملية التغيير السكاني التي حصلت او التي تحصل بشكل مخطط له ضمن عمليات التغيير السكاني في قرى المسيحيين والشبك مما يوجب الالتفات الى هذا الجانب .
وبالرغم من وجود النص الدستوري وهو اقوى واعلى نص موجب الالتزام به ، فأن تعزيزا وتفسيرا صدر من المحكمة الاتحادية يؤكد بشكل لايقبل الجدل على أن مثل هذه التصرفات الناقلة للملكية باطلة ، مما يوجب اعادة الحال الى ماكان عليه . وهنا يأتي دور السلطة التنفيذية ومسؤوليتها القانونية في منع ممارسة مثل تلك الظواهر المرفوضة دستوريا والمخالفة للقوانين ولمبدأ الحقوق والعدالة وحقوق الإنسان ، وهذه المسؤولية تكون خطيرة وكبيرة في حال تجاهلها او غض النظر عنها ، كما نود التذكير بان كل تأويل أو اجتهاد غير وارد ولايمكن له ان يضعف ?لنص او يوقف تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية العليا لما لها من اختصاص نوعي في رقابتها على دستورية القوانين والأنظمة النافذة وفي تفسير الدستور والفصل في القضايا الناشئة عن تطبيق القوانين الاتحادية والفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية وبين حكومات الاقاليم والمحافظات. وفي الاتهامات الموجهة الى رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء والوزراء وتصادق على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب. وبالنظر لكون قرار المحكمة الاتحادية باتا وملزماً لكافة السلطات ، وكاشفا لعدم مشروعية التغييرات السك?نية الجارية في قرى برطلة وبعض القرى التي يسكنها الشبك ، فأن كل اجراء لنقل الملكية وفق اطار التغيير السكاني الممنهج والمنظم لغرض تغيير سكانها لأسباب دينية او قومية أو مذهبية هو إجراء باطل يوجب على السلطات كافة الالتزام به ، كما يتوجب على المحاكم باعتبارها سوح احقاق العدالة وحماية المظلومين ممن مورست بحقهم هذه الطرق لغرض اجبارهم على ترك قراهم ومدنهم بقصد تغييرها بشريا هو إجراء باطل والإجراءات التي اتخذت لنقل الملكية باطلة لاقيمة لها مطلقا ، ونحن ننتظر قرارات شجاعة ومنصفة من القضاة في المدن التي مورست فيها هذ? العمليات .