المنبرالحر

الكتل الصغيرة!؟ استهانة بالتاريخ / جميل سالم

يبدو أن مسألة تجذير الوعي الديمقراطي لدى بعض الكتل السياسية ينطلق من روح البداوة التي يتمتعون بها، لهذا يتسم «الوعي الديمقراطي» عندهم بروح التعالي الفارغ، فنراهم يطلقون تسمية (الكتل الصغيرة) على القوى التي لم تحصد مقاعد كثيرة في الانتخابات. وعندما يرددونها في وسائل إعلامهم، فهم انما يعبرون عن الاستهانة بهذه القوى. وهم بذلك يغفلون عن التاريخ، ويفتقدون إلى معرفة صفحاته مثلما يفتقدون إلى معرفة حقيقة أن حبل الخداع قصير، مهما حاولوا جعله مطاطيا. إنهم لا يفقهون أن من ضمن (الكتل الصغيرة) ما يشكل العمود الفقري لتاريخ السياسة العراقية. فالحركة الديمقراطية العراقية، أطول باعا في تاريخ العراق السياسي، واكثر جذرية من أية قوى أخرى. ومن ضمن الحركة الحزب الشيوعي العراقي ذو التاريخ الناصع في الوطنية، وما قدمه من تضحيات لا ينكرها أي عراقي غيور. لا سيما وانها لم تكن من أجل مآرب حزبية ضيقة. فتأريخه امتد مع جذور نخيل العراق، لهذا عجزت أعتى الأنظمة الدكتاتورية عن اقتلاع جذوره من تربة العراق.
هذه ( الكتل الصغيرة) ياسادة هي الوارث الشرعي للنضال من أجل الديمقراطية الحقة في العراق، هي امتداد لأفكار جعفر ابو التمن وكامل الجادرجي وفهد. فهي ليست أبنة اليوم، ولم تنشأ على أساس الكسب الرخيص، ولا سولت لها النفس التطلع الى السحت الحرام. وهي تجد نفسها في خضم العمل الوطني اليومي، مهما حاول البعض أن يجعلها بعيدة. صوتها قوي حتى لو كانت بمقعد واحد، لأنه صوت الحرص على الوطن، صوت الدفاع عن مصالح الشعب. نعم هي صغيرة بعدد مقاعدها ولكنها كبيرة بتاريخها الوطني، والكيان الذي لا يحمل تأريخا سيكون مصيره مصير المدن الشيطانية التي تزول بزوال المؤثر.
لهذا يا سادة ندعوكم إلى عدم الاستهانة بالتاريخ..وهذه (الكتل الصغيرة) هي نبراس تاريخ عراقنا السياسي.